Browsing Category

يومياتي – Diary

أفكار تطوير الذات يومياتي - Diary

لماذا لا نستطيع تحقيق أحلامنا؟

20 مايو، 2021


العمل للفنانة Sofia Bonati شعرت بأنه يعبر عنّي وأنا أحاول فك شفرة الأحلام والشغف


هل حقًا هناك أشخاص محظوظين بالفطرة؟ تتحقق أحلامهم بفرقعة أصابع ولا يحتاجون للتعب مثلنا؟ هل حقًا ظروفنا هي العائق ولو وجدنا في زمن أو مكان أو حتى عوائل مختلفة لاختلفت نتائجنا التي نحققها في هذه الحياة ولاصبحت أحلامنا على مقدار خطوة منّا؟ أم أن جميع ما سبق هو مجرد ألعاب وخدع نقع فريسة سهله لها ولعقولنا التي تخاف من المجازفة والتجربة والتغيير؟ وهل هناك وصفة سحريّة تجعلك قادرًا على تحقق حلمك أو هدفك؟

هناك مجموعة من المعوقات، واللي تقف بيننا وبين تحقيق الأحلام والأهداف، سواء كانت بداية مهنة الأحلام أو تحقيق الوزن المثالي، أو حتى تعلّم رقصة معينة كلها تنطبق عليها الفكرة ذاتها، أن تعتقد عدم قدرتك من تحقيق شيء، وتضع قائمة من المعوقات من دون أن تكون قد حاولت حقًا بصبر ومواظبة. بدأت رحلة البحث عن السر العظيم الذي من خلاله يستطيع أي شخص تحقيق أهدافه وأحلامه تحدثت مع أشخاص حققوا ماكان يعد قبل بضع سنوات حلم في قائمة من الأحلام التي وضعوها لأنفسهم، وقرأت قصص نجاح كثيرة، جميعهم باختلاف أحلامهم اتفقوا على النقاط التالية:

أولًا الأولويات تحتاج لإعادة ضبط هذه اليومين ما رأيكم؟
بمعنى: إذا كان لديك حلم تتمنى تحققه، أين يقع في سلسلة أولوياتك؟ في أول القائمة؟ أم أنه في القاع ينتظرك أن تجد الفانوس السحري حتى يحقق حلمك شخص آخر؟ إذا كنت تأملت يومك ووجدت أنه يبدأ وينتهي موزّع بين تفاصيل كثيرة لا تفيدك سوى ساعات المتعة اللحظية، إذًا تحتاج وقفة جادة مع ذاتك لتفكر كيف ترتب أولوياتك، كنت صريحة مع نفسي مؤخرًا واكتشفت أن حلمي بقي مجرد حلم ولم أعطيه أولوية في حياتي بالتالي لم يتحقق. وجدت أن هناك أشخاص وأنشطة كثيرة في أماكن متقدمه من قائمة الأوليات التي تاخذ طاقتي ووقتي ولا تبقي أي وقت أحقق فيه هدفي! منذ سنوات قريبة بدأت أضع نفسي أولًا ثم عائلتي وبعدها عملي وشغفي والأشياء الأخرى قد تتقاسم وقتي المتبقي. والنتائج على الصعيد العملي والشخصي عظيمة بدأت أحصد نتاجها، في راحة نفسية وإنجازات مهما كانت بسيطة لكنها ذات تأثير عظيم على نسيتي ونظرتي للحياة. 

ثانيًا: نتائج ملموسة خير من أحلام الكمال.
في البداية وجود نتائج – أي كانت -أهم من البحث عن البداية الكاملة. لا يوجد مقياس للكمال، لأن كل من سبقك، كان يتعلّم من خلال الرحلة، لا يوجد كاتالوج للنجاح لأن أهدافنا ليست “خزائن ايكيا” مرفق معها خطوات التركيب! كل تجربة وكل فكرة وكل هدف هو شيء مميز بحد ذاته، قد تأخذ نصائح ممن سبقك أو من تثق به، وتطلع على تجارب غيرك لكن يستحيل أن تحصل على نتائج مطابقة ١٠٠٪، لذلك من المهم أن تعرف أنه لا يوجد شخص أعلم منك بخارطة طريق تحقيق الأحلام، الفرق أن هناك من بدأ واكتشف الدروس والنتائج وأنت -مكانك سر-

ثالثًا: المسألة دائمًا خيار:
كنت أرفض تصديق هذه الجملة وكان جوابي: “لا هذي أهلها داعمينها ولا هذا مايحتاج يشتغل ساعات عمل قد اللي أشتغلها، ولا هذا عنده سبورت سيستم أخذ بيده”. في جلسة الصراحة مع ذاتي اتفقت مع المنطق الذي يقول أن كل ما سبق قد يكون عنصر مساعد، ولكن هم اختاروا أن يعطون لهدفهم أولوية أو حتى اختاروا أن يبدؤون في المحاولة، لأنني صادفت أشخاص لديهم الدعم المالي والمعنوي والوقت، لكن لديهم أعذار أخرى لأن العقل أداة خطيرة دائمًا يخترع لنا عقبة لو سمحنا له.

رابعًا: خليك واقعي:
يعني أن لا تتصور أن الشغف الحقيقي دائمًا يكون سهل، والعمل عليه مليء بانتصارات لا نهائية، وهذه فكرة عبقرية لو آمنت بها ستستوعب أن هدفك أو شغفك الذي تسعى خلفه، ليس بالضرورة حلم وردي طوال الوقت. يمكن أن تعطيك نتيجته سعادة ولكن الجهد الذي ستضعه لابد أن يكون فيه تقلبات من صعود ونزول وصعوبة لأنه يحتاج تغذيه، وهذه الفكرة قرأتها في مقال جميل (هنا) يوضح أن من يعتقد أن الشغف حلم وردي هو من سينسحب من بداية الطريق لأنه لم يكن واقعيًا.

خامسًا: لا تقارن نفسك بأحد لا تقارن نفسك بأحد لا تقارن نفسك بأحد:
نعم كررتها ثلاث مرات، لأن المقارنات شيء غير عادل بحق نفسك! بالإضافة إلى أن إن كلًا له حياته وظروفه ومعطياته، أنت لا تملك الصورة الكاملة، أنت تقارن نفسك بنسخة مثالية تعتقد بأنها حياة هذا الشخص؛ تعبه وانضباطه وترتيبه لأولوياته وساعات المحاولة ومرات الفشل والأخطاء اللي ارتكبها والانهيارات والوقت الذي وضعه حتى يصل لحلمه، كلها في كواليس حياته، كل ما تشاده أنت النتيجة في حديثه أو حتى في منشور يضعه ليكافئ نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي.

سادسًا: تعلّم الصبر والمثابرة:
في عالم السرعة الذي نعيش فيه ننسى معنى الصبر وننسى أن كلمة السر هي الاستمرار والمثابرة، نبحث عن نتائج سريعة لا توجد طرق مختصره لذلك استمتع بالرحلة بكل تفاصيلها، حتى لا تتوقف في منتصف الطريق او حتى قبل البداية.

وأخيرًا وليس آخرًا: عادي انك تكون خايف من الفشل:
في اللحظة التي ستعترف بها لنفسك بأنك تخاف من التغيير والمجازفة والفشل، ستستطيع أن تتعامل مع مخاوفك، لا يمكنك تحدد متى وكيف تحصد تعبك، كل ما في يدك الآن أن تبدأ، وأن وتحاول، وتضع قائمة أولوياتك بشكل يخدم شغفك وحلمك، تعطيه الوقت الذي يستحق والجهد الذي يحتاجه مهما كان بسيطًا، والنتائج لها طريقتها الخاصة في الظهور وبعدها يمكنك تقييم مسيرتك، هناك جملة قرأتها منسوبة لـ أحمد خالد توفيق؛ يقول فيها أن “النجاح تراكمي” وهذا التراكم سيحصل من الخلال المحاولة والعمل.

استمتع بالرحلة بكل تفاصيلها، حتى لا تتوقف في منتصف الطريق او حتى قبل البداية.  

 

Media يومياتي - Diary

كيف كان رمضانكم؟

8 مايو، 2021




كيف كان رمضانكم؟🌙🌙
رمضاني كان سلسلة تأملات..

مؤخرًا أصبحت أتأمل وأتمعّن في طريقتي في تحديد البدايات والنهايات لكل مرحلة في حياتي، أيامي مؤرخة إما بقمة الحزن أو قمة الفرح، هي عبارة عن: أول رمضان بدون جدي، أول عيد بدونه، أول رمضان بدون دارين أول عيد راح يكون بدونها، أول سنة مع قطتي أول سنة بعد التخرّج أول شهر في عملي الجديد آخر شهر.. أول سنة بدون.. وأول سنة مع.. وهكذا!

هذه النقطة بالتحديد، خطرت في بالي بعد تمعني بطريقة الناس المقربين مني في الحديث عن تفاصيل حياتهم، والكتابة عنها، جميعهم يستخدمون التواريخ، ويتذكرونها جيدًا؛مثلا: “في مايو الماضي في السادس عشر من .. عام ١٤٣٠ عام  ٢٠١٠” في حين أن الأرقام تغيب عن حياتي تمامًا واعتمد كل الاعتماد على تحويل كل شيء إلى وجوه مألوفة. حياتي أصبحت خريطة من الوجوه والذكريات، وكأنها خارطة ذهنية لكل الذكريات أمر عليها كلما أردت أن أحكي قصة معينة أو أن استعيد مواقف من الماضي. أعتقد أن ذلك هو السبب الرئيسي الذي يجعلني أعيش دوّامة لانهائية من الذكريات المكررة، تأثيرها عليّ يتجدد عام بعد عام، لابد من أكون صديقة الأرقام، وأبتعد عن تحديد تفاصيل حياتي بالوجوه، فالوجوه تبتعد تتغيّر وتتبدل، وتختفي أحيانًا لكن للأرقام ثبات لا يهزمه أي شيء. 

أفكار التدوينات العربية العمل الحر - Freelancer يومياتي - Diary

كيف أوفق بين العمل والدراسة؟

27 فبراير، 2018

PAUL REID/GETTY IMAGES

PAUL REID/GETTY IMAGES


“- إنت مريضة؟!”

هذه السؤال سمعته أكثر من مرة ١٠٠ مرة خلال العام الماضي، وأنا في قمة أناقتي –أو هكذا كنت أظن- لأصدقكم قولًا هذه التساؤل كان القشة التي قصمت ظهر البعير دخلت في إحدى الليالي في نوبة بكاء لا أعرف لها سببًا مباشرًا في ذلك الوقت، لكنني أعتقد بأنني أفهم جيدًا مسبباتها اليوم، هذه الدموع قادتني للتفكير بأيامي ولاحظت بأنني دائمًا: “أوشك على الانفجار”، الركض اللانهائي بلا توقف على مدى العامين الماضيين، محاولة إنهاء كل شيء بشكل عشوائي، لا يوجد وقت للنظر للوراء قليلًا، لذلك السؤال الذي أحاول أن أجيب عنه؛ كيف أوفق بين العمل والدراسة؟ كيف أخفف على نفسي هذه الأحمال وأوجد مساحة للتنفس لممارسة بعض الأنشطة المحببة. وهل حقًا يمكنني الوصول للتوازن الذي أطمح له؟.

حينما قررت العودة للجامعة وإكمال تعليمي، كنت أعرف ما سيواجهني، لكنها خطوة مهمة وضرورية. السنة الجامعية الأولى كنت أنتقلت للعمل الحر. والعام الثاني عدت للعمل بدوام كامل. هل هناك حقًا فرق بين نوعي العمل؟ حقيقة المهام واحدة وكمية العمل متساوية. حاولت بطرق شتى لكن لم يحالفني الحظ بشكل تام بأن أجد طريقة التوازن المثالية. لكن وجدت طرق لتخفيف الضغط.

إليكم بعض الأفكار:

حياتك مختلفة عن الآخرين
استيعاب هذه النقطة من أهم المحطات، نعم حياتك مختلفة عن الآخرين ولتخطي هذه المرحلة بسلام وبأقل الخسائر الجسدية والفكرية والعملية عليك تحديد يومك والتخطيط بما يتناسب معك –أنت- أي مغريات خارجية ستتسبب بإرباك جدولك اليومي لا تلزمك في هذه الفترة يعني اتصال هاتفي مفاجئ من صديقة لتناول الشاي أو القهوة والحديث المطول عن كل شيء بالحياة مرفوض تماًما إلا إذا كانت مكافأتك لنفسك على إنجاز مهام الأسبوع بوقت قياسي. هذه الخطوة الأهم من كل هذه التدوينة.

التخطيط
نعم قد تبدو نصيحة بديهية، وقد تكون شخصية لا يجدي معها التخطيط، لكن تعلُّم هذه المهارة سيوفر عليك الكثير من الوقت ويساعدك على ترتيب الأولويات والانتهاء منها واحدة تلو الأخرى، وصدقيني الإحساس الذي ستشعرين به أثناء شطب بالمهام التي انتهيت منها لا يمكن أن يضاهيه أي إحساس آخر. الورقة والقلم والفواصل والمنظمات هم أصدقاؤك في هذه المرحلة، كتابة كل المهام الأسبوعية وتوزيعها على الأيام سيساعدك بالتركيز ومعرفة ما تم إنجازه.

لا تلغي عطلة نهاية الأسبوع.
في ظل الركض المستمر طوال الأسبوع التوقف للراحة حتى ليوم واحد مطلب أساسي، قد نتجاهله أحيانًا في سبيل إكمال مهام عمل أو كتابة الواجبات الجامعية والبحوث المطلوبة وغيرها من التفاصيل التي تقحمها في الوقت الذي من المفترض أن نكون فيه نأخذ قسطًا من الراحة. بعد اعتماد العطلة الأسبوعية في جدولي لاحظت الفرق قدرتي على الركض مجددًا في بداية الأسبوع تجددت وكأنها مرحلة شحن للطاقة.

التوقيت للمهام
جربت استخدام المؤقت لتحديد وقت للعمل، فالعد التنازلي أمامي يحفزني على العمل حتى لا يهزمني الوقت وبين كل ٢٥ دقيقة عمل أعطي نفسي ٥ دقائق للراحة أنجزت بهذه الطريقة الكثير من الواجبات الجامعية ومهام العمل.

كل إنجاز بمكافأة
يمكنك استخدام الأنشطة التي تحبين كمكافأة لذاتك، يعني قراءة كتابك المفضل أو حضور ليلة الفيلم الأسبوعية للأصدقاء يجب أن تكون بعد إنجاز مهام الأسبوع فأنت بممارسة هذه الأنشطة تكافئن ذاتك بالشكل الذي يليق بإنجازك. -كتابة هذه التدوينة وتصفح الإنترنت كانت مكافأتي لنفسي اليوم بعد إنجاز كل المهام في الوقت المحدد- لذلك أنا هنا أشارككم تجربتي وأتمنى منك مشاركتي بنصائحكم أمامي سنتين من الدراسة الجامعية وأحتاج للكثير من الدعم والتشجيع.  

الالتزام الالتزام الالتزام
في نهاية المطاف، تحتاج لإنهاء هذا المهام شئت أم أبيت، لذلك محاولة التأخير والتسويف لن تجدي نفعًا، التعامل بجدية مع المهام والانتهاء منها في وقتها المخصص، يساعدك في تخفيف حمل التفكير بالمتأخر وتجنبك لحظات الندم أو الضغط المبالغ فيها التي تطرأ عليك حينما تتراكم المهام.

الاستفادة من الوقت بدل الضائع
طريقتك في إدارة الوقت هنا مختلفة عن حياة الترف السابقة، يمكنك استخدام الوقت الذي تقضيه في التنقل في السيارة لإرسال إيميلات العمل أو الرد على رسائل متعلقة بالمهام الوظيفية أو قراءة كتب الجامعة، وإذا كان المشوار طويل أو في أوقات الذروة التي تكون فيها الشوارع مكتظة – بالنسبة لي- فهي أفضل الأوقات لحل الواجبات الجامعية، لحظات الانتظار بين المحاضرات وغيرها هي أوقات ممتازة لترتيب ملاحظات المحاضرات وما لاحظته أن كتابة الملاحظات -التلخيص- بخط واضح وطريقة مرتبة حفظ لي الوقت أثناء حل الواجبات أو المذاكرة بنسبة تصل لـ ٢٥٪. فبكل الأحوال أنت متواجدة في المحاضرة بدلًا من قضاء الوقت لاحقًا بالتلخيص حينما تعودين للمنزل طوري التكنيك الخاص بتدوين الملاحظات وستلاحظين الفرق.

الحياة الصحية
ربما تتساءلين عن أهمية هذه النقطة ولكن من تجربة شخصية ممارسة الرياضة والحرص على أكل الوجبات الصحية وشرب الماء، ساعدني على حفظ طاقتي والاستعداد التام للركض المتواصل، وخفض من إحساس الإرهاق الدائم. وتعطيك إحساس بأنك لم تهملي نفسك بعد وأن هناك ما يمكنك عمله لذاتك بعيدًا عن مهام العمل والمشاغل الدراسية.

بداية اليوم مبكرًا
أعرف أن البعض يعد نفسه كائنًا ليلي، ولنكون واقعين الحياة تحدث في الليل كل التفاصيل المثيرة واللقاءات مع الأصدقاء الفعاليات والعزائم كلها أنشطة ليلة، لكننا هنا نتحدث عن فترة في حياتك سواء كانت ٤ سنوات جامعية، أو حتى سنة أو سنتين من الدراسة، تتخللها بعض العطلات التي يمكنك من خلالها التعويض والسهر وممارسة الحياة كما تشتهين. وإذا كنت موظفة بداوم كامل فبكل الأحوال ستستيقظين مبكرًا، لماذا تضعين حملًا إضافيًا على عاتقك بأن تكوني نصف نائمة خلال وقت الدوام، أو أثناء تأديتك مهامك الوظيفية؟.

وقت أقل لمواقع التواصل
تصفح مواقع التواصل الاجتماع والاطلاع على حياة الناجحين لن يوصلك للنجاح، حددي وقت للتصفح لكنه ليس على حساب المهام التي ستوصلك للنجاح بشكل فعلي.

لا تخجلي من طلب المساعدة
المقربين منك والمهتمين لأمرك سيسعدهم أن يكونوا سببًا في التخفيف من أحمالك، أو حتى فقط تشجيعك، لذلك في حالة احتجتي لأي مساعدة لاتترددي بطلبها من  عائلتك أو الأصدقاء.

أخيرًا ..  كل ما ذكرته أعلاه مجرد نقاط خففت عني حدة التعب والتوتر الذي أعيشه منذ أن عدت لمقاعد الدراسة. ومرة أخرى ركزي في حياتك وجدولك ووقتك أكثر من المجاملات التي لن تضيف لك سوى المزيد من العبء وستحولك لزومبي متواجدة بجسدك لكن عقلك في سبات عميق. وتذكري أنها مرحلة مؤقتة انتهي منها لتعودي لجدولك الطبيعي بأسرع وقت ممكن.

وبالتوفيق في رحلاتكم العملية والدراسية

Random thoughts العمل الحر - Freelancer يومياتي - Diary

يوميات يناير: قرّاء المقاهي.. و٢٤ ساعة من حياة امرأة

27 يناير، 2018

27021248_10215277530521708_5316655925924088592_o
ثلاث أيام وننتهي من يناير أو ينتهي هو منّا؟.. بدا شهر يناير ثقيلا وبطيئا بعض الشيء كيف كان بالنسبة لكم؟، ربما لأن يناير الذي مر بي كان حافلًا بالأحداث على جميع الأصعدة، نفسيًا وعاطفيًا ومهنيًا. ولسبب ما كان من أكثر الشهور التي كتبت فيها في دفتر الأفكار وحددت أيُّ الأفكار أولى بالتنفيذ متشوقة جدة لمشاركة النتائج مع الجميع.

أعترف بأنني لازلت أتأرجح بين القناعة والشك فيما يخص تفرغي التام للعمل الحر، كنت أتساءل بداية العام هل كانت خطوة موفقة؟، وأعود مرة أخرى لقائمة السلبيات والإيجابيات وكفة العمل الحر ترجح دائمًا، خاصة مع عودتي لمقاعد الدراسة ولازال الطريق فيها طويلا أمامي سنتين على التخرج!. لكنني لن أنكر أنني أُصاب بنوبات هلع حقيقية وأنا أفكر بالمستقبل أفكر دائمًا هل تسببت بإنهاء مستقبلي المهني؟. أعرف أنها حالة طبيعية لأنني منذ عمر الـ١٩ بدأت مسيرتي المهنية، وانتقلت من كاتبة مستقلة لصحفية لصانعة محتوى وعدت الآن لأكون كاتبة مستقلة لا أخفيكم أنه أحساس العودة للصفر مرة أخرى لكنني فضلت أن أتبع حدسي وأقدم على هذه الخطوة. ومتشوقة لمعرفة إلى أين سأصل بعد عام من اليوم.

– القرّاء في المقاهي، دائمًا ما أنشئ رابط بيني وبين الكتاب الذي أقرأه، أشعر من خلاله بأن تفاصيل القصة أو أجزاء الكتب ترسل إليّ إشارات وإشعارات، وكلما شاهدت قارئ في أحد المقاهي تائه في عالم الكتاب الذي يقرأه، أبقى أفكر وأختلق القصص في عقلي وأبني على أساسها قصة كاملة غالبًا ماتبدأ وتنتهي في عقلي. وأتمنى في أحيان أخرى أن أتجاذب أطراف الحديث معهم، لذلك قررت أن أبدأ سلسلة من خلالها سأصور كل مرة قارئ في مقهى وأنشر مقطع مختصر من قصته وعلاقته بالكتاب الذي يقرأ كيف أثّر به وكيف ينوى العودة للحياة من بعده لازلت بالبداية لكن دعمكم  سيعني لي الكثير: 

 @Daftarsa
#cafebookworms
#قراء_المقاهي

في يناير بدأت الفصل الثاني في مرحلة التخصص في الجامعة، بدأت الأمور تتعقد بعض الشيء أو ربما بدأت بالتشكل وتكوين الملامح، وتبدو هذه المرحلة أكثر جديّة، لكنني لازلت أبحث عن الطرق التي من خلالها أطور مهارتي في اللغة الإنجليزية كوني أود أن تنتهي سنواتي الجامعية ومستوى لغتي الإنجليزية يؤهلني للتأليف والعمل كصانعة محتوى باللغة الإنجليزية أيضًا. لم أصل لطريقة أو خطة واضحة لكنني حتمًا سأضعها في أقرب وقت ممكن. 

إنتهيت العام الماضي من بودكاست Unthinkable: الحقيقة كل حلقات هذا البودكاست ملهمة جدا يقدمه Jay Acunzo.  البودكاست يركز على طريقة التفكير التقليدية يفككها ويعرض نماذج قررت تغيير نمط التفكير ليعرض تأثيره على العمل وغيره. بدأت في أول حلقاته وأصبح رفيقي في زحمة جدة وبإنتظار عودة الموسم المقبل.  

أربع وعشرون ساعة من حياة امرأة
في معرض جدة الدولي للكتاب ٢٠١٧، أقتنيت من دار ميسكيلياني كتاب: أربع وعشرون ساعة من حياة امرأة عنوان الكتاب ألهمني أن أقرأه في ٢٤ ساعة، بين المهام اليومية وفي دقائق الانتظار، كتب ستيفان دائمًا تشعرني بأنها مجهر يسلط على جزء بسيط ليريك تفاصيل لم تكن لتلقي لها بالًا، مثلما حدث في “لاعب الشطرنج”.أخذت أغوص داخل الشخصيات وأعود لواقعها بشكل غريب خلال الأحداث، وهذا يعرض قدرة ستيفان الهائلة على توجيه القارئ للمكان الذي يرغب فيه وكأنه مخرج سينمائي استعان بالصورة ليقود المشاهدين.

فنشهد هنا تفاصيل رحلة السيدة الإنجليزية الوقورة، تفاصيل يومها بنزواته الزائرة، بالذنب الذي أرهق روحها، وقوة الإدمان والمقامرة التي تمتزج لتوجه حياة الشاب ذو الأصابع الساحرة. فهل تنتصر قوة العاطفة الإنسانية في نهاية هذه الرواية؟.
الرواية فتحت أبوابًا كثيرة في عقلي للتفكير بكلمات كنت قد رضيت بمعناها الذي فهمته دون التعمق، وكلمة “الذنْب” ستحلٍّ كثيرًا في مخيلتي حتى أخلق لها معنى جديدًا أتقبله. سؤال ظل يراودني وسألته لمجموعة من الأشخاص حولي: هل المرأة عاطفيّة حقًا لهذه الدرجة؟ ولماذا لا أشعر أنا بهذا المستوى من العاطفة؟ ( أيقونة تضحك).

-أكتب بشكل شبه يومي في مدونتي وكلها عبارة عن أفكار في عدة سطور أشعر أنها لا تستحق أن أفرد لها تدوينة كاملة، لذلك تبقى هذه السطور حبيسة المسودات في المدونة ولا أنشرها أبدًا، ألهمتني هيفاء القحطاني من خلال مدونتها بطريقة أجمع بها كل تلك التفاصيل والسطور في تدوينة واحدة، ربما تشجعني على النشر أكثر، وقررت أن أنشر شهريًا تدوينتان على الأقل في مدونتي حتى لا أهجر هذا المكان الجميل. 

  • فكرة كتبت عنها أكثر من مرة في مذكراتي أود الاقتباس جزئية مما كتبت هنا:

 خصمك الوحيد هو أنت …. حينما تبدأ بـ منافسة غيرك تخسر بعضًا منك، لذلك كل النماذج الرائعة والناجحة محلقين لوحدهم في السماء، كانوا أصيلين ومتفردين ولا زالوا. ليس هناك من هو أذكى أو أجمل أو أفضل من أحد، هناك شخص قرر إنه يكون أجمل وأفضل من نفسه لذلك وصل. أنت تختار كيف وأين تصنّف ذاتك، إذا كنت تعتقد بأنك ضعيف وخاسر! كل الناس سيلاحظون هذا الجانب فيك. وإذا كنت تجد بأنك منتصر وقويّ من المفترض أن تتصرف على الأساس. واجهت نفسي كثيرًا في الأعوام الماضية وتجاهلت كل شيء أو شخص أحسست بأنه منافسي يومًا ما. النتيجة أن جزء من السلام الداخلي الذي أبحث عنه زار قلبي أخيرًا، والأهم ما حققته لنفسي من انتصارات صغيرة، ما عادت أشعر بالتهديد من أي شخص. ومنذ ذلك الحين وأنا أتحدى نفسي كل يوم، وأنا مؤمنة اليوم بأنني أفضل وأجمل وأقوى من نفسي وسأتحداها دائمًا.

Art التدوينات العربية كان يا مكان - Stories يومياتي - Diary

2- حينما يكون السؤال جوابا: كيف بدأ كل شيء؟

24 سبتمبر، 2017

 "Insomnia" Artwork by Pascal Campion

“Insomnia”
Artwork by Pascal Campion


قررت أن أفرغ كل شيء على الورق، كل الأصوات داخل عقلي والتي لا أفهم معانيها أو الحروف التي تلتصق بجانب بعضها في مخيلتي دون أن أفهمها، وعلى قصاصة ورق صغيرة كتبت: أود أن أضع الذكريات في علبة وأغلق عليها درج المكتب الذي سأبيعه خلال أيام لتنتقل لمكان بعيد جدًا، ولا أضطر للتعامل معها مرة أخرى، كيف يمكن أن تسكت الأسئلة؟، وتستأصل الرغبة بتحليل الأشياء ومحاولة فك شفرات الإنسان التي فشل الجميع في حلها قبلي؟ كيف ننمي القدرة على إيقاف التأمل المبالغ فيه حينما يتجاوز الحد المقبول” بعد التساؤل الأخير لم يتبقى أي مساحة يمكنني أن أضع فيه علامات الاستفهام، وهذا ما يحدث بالضبط، أجزاء مهمة من سياق الحياة لا تجد لها متسعا في عقلي.

لاحقًا في طريقي للعمل، كنت أفكر بوجهتي في رحلة الحياة، لماذا لم أجد طريقي بعد؟ كل المسالك تعود لنقطة البداية، وكأنني لم أبرح مكاني، إحساس غريب بأنني أقف على أرض هشة، كل الجسور مهشمة حولي لا أكاد أنتهي من بناء واحد حتى يسقط من ثقل خطوة واحدة أخطوها عليه، خطر ببالي حينما سألت ذاتي: “إلى أين أتجه؟” أن أعرف  أولًا من أين أتيت؟ كيف بدأ كل شيء؟ نقطة البداية يجب أن أعود إليها وأتمعنها جيّدًا، أحفظ تفاصيلها، حتى لا أبقى أعود إليها بعد كل منعطف خاطئ أسلكه خلال الرحلة.

لسبب لم أكتشفه بعد، أعود لذكرى بعيدة جدًا تعيدني للسابعة من عمري، ويخيّل لي أنها البداية ونقطة التحوّل لكل شيء، المنعطف الذي أضعت به طريق العودة لعالم الواقع، حينها تعرفت على معنى كلمة الأرق كنت أستيقظ كل يوم بعد ساعتي نوم مضطربة، رغم خوفي الكبير من الظلام ومن البعيد المهجور إلا أنني كنت أسير وحيدة في منتصف الليل، أصعد للأعلى أنزل للفناء الخارجي أبقى في حركة مستمرة أسير بجانب الجدار، كأني أقيس حجم غرف المنزل يدي داخل جيب سترتي، وعيني مركزة على أصابع قدمي المطلية بالألوان، كتفي ملتصق بالحائط كلما صادفت كنبة أو طاولة، تحول دون أن يبقى كتفي مستندًا على الحائط أحاول حل المعضلة، هل أسير فوق الكنبة؟ أم أزيحها؟ أو أمر من جانبها؟ تأخذ هذه العملية كل يوم وقتاً ليس بالقليل، حينما أصل لمدخل المنزل أكتشف بأن الليل بأوله، لأن الباب الزجاجي يعكس ظلامًا دامسًا، ألصق وجهي على الزجاج أحاول أن أنظر للسماء من النقطة التي أقف عليها، حتى النجوم ليس لها آثرًا هناك بالأعلى. لأعود أدراجي ثانية بالسير بجانب الجدار كتفي يلتصق به وقدماي تتحرك قدمًا.

في أعلى نقطة في المنزل أمام باب السطح تنتهي رحلتي اليومية، حيث قطعة الكنب القديم لسبب ما تغاضى الجميع عن حملها خارج المنزل وبقيت هناك تحتوي ساعات الأرق التي كنت أعاني منها رغم صغر سنّي، والغريب أنني أستلقي عليها أفكر بكل شيء، بأفكار لا أفهمها في تلك الفترة، تستيقظ كل حواسي ولا تتناوب على الحصول على انتباهي، تستيقظ في نفس الوقت تجذبها أفكار ونقاط مختلفة حولي أبقى مشتتة بينها.

كان من الصعب عليّ منذ صغري أن أُبقي تركزي على شيء واحد أتقلب من حاسة لأخرى أكتب لدقيقتين، أركض لعشر دقائق، أقرأ لعشر دقائق أخرى، أعود لأكتب القصة التي بدأتها قبل عشرين دقيقة، أقطعها لأُفكر في شيء ما، وهذه الطريقة هي الوحيدة التي عرفت بها كيف أفهم الحياة، أو أن أمارسها. مجموعة تصرفات لا تمت لبعضها البعض بأي صلة، مجموعة من الأحداث التي لا أعرف كيف أنتهي من واحدة لأصل للأخرى.

عرفت الآن بعد ٢٣ عاما أن كل ما أنا عليه اليوم بدأ في تلك الليالي، لذلك عدت لأكتشف كيف بدأ كل شيء؟  وكأنني دخلت لبلّورة زجاجية تعزلني عن العالم وكل محاولاتي للخروج منها باءت بالفشل، لم أعرف العالم الخارجي وأعتقدت بأنه لا يناسبني أبداً، بدأت أشعر بأنني لا أنتمي إليه، أود الخروج من نفس الباب الذي حمل خطاي للداخل، فهذه هي الطريقة الوحيدة هذا هو المخرج الوحيد فلا يوجد أن مخرج طوارئ أو مختصرات. Continue Reading

التدوينات العربية كان يا مكان - Stories لوحات يومياتي - Diary

1- حينما يكون السؤال جواباً: إلى أين أتجه؟

17 يونيو، 2017

صوت عقارب الساعة يمتزج -بشكل بشع- بصوت اندفاع الهواء من أجهزة التكييف، صرصار الليل يؤدي دوره هناك بالخارج وهو الدور الذي لم أفهمه حتى الآن!، هل يُعَدُ الصوت الذي يصدره تميمة لحفظ الأرض؟ أو ربما مجرد نداء لكائن لن يسمعه أبدًا؟!.
صوت ارتطام الكوب الذي أحمله كل مرة ينزل ليستقر على الطاولة، هذه الصرخة المدوية التي قد لا يلفتني حدوثها في أي وقت آخر من اليوم، فقط الآن تستفز الصمت حولي وتفسد لحظات اللاشيء التي أعيشها، ولكنها بشكل ما أعادت للذاكرة تفاصيل كنت قد نسيتها منذ وقت مضى، تفاصيل الجلوس أمام باب السطح تلك البقعة التي أسميتها صومعة، أقصدها كل ليلة منذ وقت مبكر من عمري. شعور غريب يحيط بي وهذا ما يزعجني  فيما يخص الذكريات الزائرة، تسقط عليك كقذيفة تحوّل كل شيء داخلك لـ دمار حقيقي كُنتَ للتو رممته ومضيت.

لم أنم ولا دقيقة ومضى الليل للجهة المقابلة من العالم، تساوت كل الأشياء بالنسبة لي، ولا أعلم منذ متى توقفت عن الاهتمام بكل شيء، هكذا! دفعةً واحدة؛ لم يعُد لأي شيءٍ قيمة حقيقة، كل الخيارات صحيحة أو بمعنى أصح؛ كل الخيارات مجرد مسالك مختلفة لوجهة واحدة، أصبحت كل التفاصيل بلا جدوى، والحياة مجرد تكرار آلي أستيقظ لأنني أفتح عينيّ كل صباح أغادر منزلي نحو مقر العمل لأنني لا أعرف غير أن أتّبع السلسلة السلوكية ذاتها كل يوم.
حاولت أن أبحث عن معنى أو شغف جديد يعيد الحياة لعروقي، ارتكبت جميع الحماقات ودفعت بنفسي في الكثير من التجارب التي لم أكن لأعيشها من قبل أبداً. بحثت عن حياة موازية في الكُتُب، عن عالم افتراضي يملؤني دهشةً ويعطي قيمة حقيقة لوجودي، حاولت التواصل مع روحي صليّت، رقصت، بكيت ولكنها تجاهلت كل حروف النداء، ولم يكن ليتغيّر شيء.

غادرت منزلي بلا وجهة محددة، حتى أن الصمت هزمني حينما سألني السائق عن الوجهة، وكان هذا أول التساؤلات التي وجدت نفسي في مواجهتها، والتي نبهتني لحقيقة أن الجواب يكمُنُ في السؤال الصحيح، هل يجب أن أُجيبَ عليه؟ أم يكفي أن يستوقفني للتدبر في تفاصيله؟ عرفت بأنني كنت أبحث عن إجاباتٍ لأسئلةٍ مجهولة، كنتُ تائهة، لأنني لا أعرف كيف أمسك خيط السؤال لأنطلق في البحث عنه، فأصبحت مجرد كومة من التساؤات المكتنزة داخل جسد، كلما هَمَ عقلي في العمل يتزاحم داخله عدد لا نهائي من الاستفهامات المتقاطعة والمتوازية، فيسقط مجهداً في آخر الليل.

إلى أين – أعاد السائق سؤاله لكنني بقيت لـ٤ دقائق صامتة بل متجمدة. إلى أين؟  إلى أين؟  همممم بدأ الوقت يضغط عليّ مرة أخرى، يجبرني على إتخاذ القرار خوفاً من أن ينفذ. حتى خيّل لي أنني أسمع عدًا تنازلياً ويجب أن أجيب قبل انقضاء الرقم واحد. كل ما أحتجته هنا هو السؤال المناسب في الوقت المناسب، لأفهم لأستنير، هذا الموقف بتفاصيله ما هو إلا تمثيل واقعي لأحداث حياتي، عامل الوقت هو أكثر العوامل التي تحدد خياراتي وتوجهها. هل هذا أمرٌ صحيّ؟ متى كنت متأخرة في اتخاذ القرار ومتى استعجلت اتخاذه؟ كومة من التساؤلات وجدتها غزت عقلي بشكل مفاجئ وأحالت جفافه لنهر جاري، وددت لو أنني أبقى مكاني هنا أكتب وأكتب وأكتب، دون مقاطعة، لكن السائق عاد ليسأل :

Continue Reading

التدوينات العربية لوحات يومياتي - Diary

بداياتي دائمًا رمضانية

25 مايو، 2017

 


غرّة رمضان ١٤٣٩هـ، يتحول الوقت في هذه الأيّام الفضيلة إلى مزيج من الماء البارد الذي يلامس عطشك الروحي، رائحة المنزل، تفاصيل الشارع، زينة رمضان، مكالمات الأصدقاء، كلّها تجعل من الوقت في رمضان مساحة استثنائية، لذلك أقيس عامي كاملاً على رمضان البدايات كلّها من هنا من أول أيام الشهر الفضيل.

مايميّز هذا العام هو أن رمضان هو ملك لي وحدي، لا تقاسمني إيّاه إيُّ إرتباطات عمليّة، وسيكون بمثابة استراحة محارب قبل البدء تنفيذ حلم عمره أكثر من ١٠ سنوات. فها أنا اليوم أمام تحدي خصمي فيه هو إرادتي، مالذي يمنعني الآن عن تنفيذه؟ لا شيء، إلاّ إذا سمحت للكسل ومارد التسويف داخلي أن يعترض طريقي.
قررت قبل شهر تقريبًا بأنني سأبدء مشروعي الخاص الذي أعمل من خلاله على صناعة المحتوى بشكل حر، مكتبي كل يوم سيكون في مكان مختلف،  أطوف به على مقاهي جدة، وربما بعد ذلك المقاهي حول العالم – وهو الحلم القديم – لا أتوقع أن تكون الحياة أسهل بل بالعكس ستكون التحديّات أكثر وأصعب.

أنهيت ارتباطاتي بعملي السابق الذي قضيت به قرابة العام والنّصف، بيئة جيّدة تعرفت من خلالها على أشخاص من المؤكد بأن صداقتهم ستستمر معي إلى اللانهائية، لأكون صريحة معكم؛ لازلت متخوُّفة كوني سأبدء بتحقيق حلم قديم، الكثير من التسؤلات المخيفة التي تبدأ بـ الماذا لو؟ وكلنا نعرف كيف تنتهي جلسة ابتدأت بالـ لو!.
أتذكر بأنني لطالما رغبت بأن أنشر البودكاست الخاص بي، ترددت كثيرًا كما هي عادتي مؤخرًا لكن في القريب العاجل سأنشر أولى حلقات بودكاست (دفتر). 
وأخيرا، من الأشياء التي سيكون رمضان بمثابة إنطلاقة لها؛ هي تجربة خاصة جدا خضتها خلال حياتي وكتبت عنها نصاً طويلا سأنشره تباعاً.
مدونتي الشارع الخلفي الذي أخرج إليه كلما شعرت بأن العالم لم يعد مكاناً قابلا للعيش فيه، قررت عمل جدول للكتابة حتى لا أهجرها مرة أخرى ولو لشهر واحد، الجدير بالذكر بأنني دائما ما أكتب لكنني أشعر بعدم جدوى المشاركة وهذا ما أعمل على تغييره هذا العام.

الإيمان بالذات جزء كبير من قدرت الفرد منّا على الوصول، وأنا حقيقة فقدت ذلك منذ فترة طويلة، وأحتاج لقليل من الجهد لأؤمن بذاتي مرة أخرى، فكيف تحقق هدفك وأنت تعتقد أنك أقل مما يحتاج هذا الهدف؟ بحثت كثيراً في الأمر ووجدت بأن العودة للبداية لأساس يقتلع هذا النوع من إحساس من جذوره لزرع إحساس آخر مبني على تقدير الذات وفهمها، وهو أمر عادى جدا كل شخص منّا يصل لهذه النقطة بأن يشعر بعدم جدوى أي شيء يمارسه أو يؤمن به، لكن الأصعب هو التخلص من سطوة هذه الأحاسيس وإرسالها لصناديق بعيدة في الذاكرة حتى يمكن العيش بهناء، فهذا دور الفرد بحجم المجهود الذي تضعه للقتال والتجديد والتخلص من الروتين والسلبية بقدر ما ستجد في انتظارك.  

إحساس غريب يراودني، إحساس بالحريّة لم أشعر به منذ وقت كبير.
وعامكم سعيد ورمضانكم أسعد.

يومياتي - Diary

النافذة من الجانب الآخر

22 فبراير، 2017

artwork by Grafolio

artwork by Grafolio

لطالما فكرت بالجانب الآخر من الأشياء، حينما أشاهد جدارا أبقى أحدق فيه لساعات أتخيل شكل الحياة خارجه أو خلفه، وهذا يربك الأفكار داخل عقلي حتى أنني بذلك أتجاهل التفاصيل الظاهرة، قد يفوتني الكثير لأنني دائما أركض خلف الماوراء، الجانب الآخر من النافذة من قلبي من العالم من الحياة من الموت من الأشياء من الأفكار.
بحثي عن العالم الخفي بدأ منذ طفولتي في السنوات التي بدأتُ بها بقراءةِ الكُتُب الخياليّة التي صنعت من العالم الذي لا أشاهده ساحة جديدة مختلفة ومشوقة بعيدة عن الحياة اليومية الرتيبة، فبقيت معلّقة، جسدٌ في الواقع وروح تجوب كل الاتجاهات الممكنة والغير ممكنة، فالطفل الذي يعيش قصة أسطورية وحيداً أو الذي يحمل قوى سحريّة يحيِّ خيالي ويجعلني أتسائل لماذا لا يختارني الأقزام لأعيش بينهم؟ ولماذا لم أعرف حتى الأن عنوان بلاد العجائب؟ – أعتقد بأنني أعيش فيها الآن لكنها عجائب من نوع آخر- توقي للإستقلال بدأت شرارته من هناك، فالمغامرة والبحث عنها هي ما يستفز كل حواسي لتشعر بالحياة، أود التنقل بين الأماكن -والأزمان إن أمكن ذلك- وأتعرف  على كل جديد بِنَهَمْ لا ينقطع أبدا، لذلك كتبتُ في دفتر مذكراتي وأنا لا أزال في الـ١٦ من العمر: “حينما أصل للثلاثين سأسافر وأكتب عن رحلاتي” لما اخترت الثلاثين؟  ليس لدي جواب واضح.

عودة للواقع، هذه الفتحة في جدار مكتبي والتي تشكل المنفذ الثاني بعد الباب للخارج الواسع الشاهق البعيد، ليست شيئا مثيرا للاهتمام هي مجرد نافذة وضعت لأنه من المهم أن تكون في كل غرفه نافذة سواء كان مكانها مناسبا أم لا، فأنا حقيقة لا أعرف منها أي تفاصيل عن الخارج؟ هل الغيمة تكسو الأجواء؟ أم أن الشمس لا زالت تسيطر؟ لا أعرف منها ما يُعرف دائما من النوافذ، المعلومات الأساسية البسيطة التي تمررها للداخل عن الخارج.

نافذة مكتبي تطل على (المنور) وبما أن مكتبي في الدور الأول فإن الشمس تتخبط قبل أن تصلنا للأسفل، يمكننا أن نستشف بأن الوقت لايزال مبكرا ونحن في الساعات الأولى من النهار وأن السماء لم تظلم بعد. لكن في الحقيقة لا أعرف مستوى إضاءة الشمس أو التوقيت بالتحديد وأبقى أفكر ماذا لو سقطت في نوم مفاجئ واستيقظت هل سأعرف الوقت في الحال. حينما فتحت النافذة ومددت يدي للخارج، عرفت بما لا يدع مجالا للشك بأن اليوم هو يوم جاف جدا خال من الملامح لا يمكنني الشكوى من الحرارة لكنني في ذات الوقت لا يمكنني القول بأن الطقس مميّز. لا شيء مميّز عن اليوم سوى أفكاري المتطايرة منذ ساعات الصباح الأولى.

قررت اليوم الغوص داخل داخلي، وإكتشاف ما تحت السطح من خلال تحديد تحدي للكتابة اليومية والذي بدأته اليوم، وأجدده كل ٣٠ يوما بعد مراجعة ما تم إنجازه، بدأت اليوم بداية خجولة بعد ما كان قراري الكتابة في ساعات الصباح الأولى بدلا من الكتابة في الفترة الميتة الممتدة في نظري من ١٢ حتى الثالثة مساءا. لكنني أشعر بعجز من نوع ما لا أفهمه لا أستطيع استدعاء الكلمات رغم أن الأفكار هنا حيّة وأشعر بها تتراقص داخلي تعذب الكائن الذي أصبحته اليوم.

من الجانب الآخر هنا الطرف الداخلي من النافذة، كل شيء يبدو ساكنا إلا من صوت جهاز التكييف، و إذا ما حاولت إلصاق يدي بالزجاج، أشعر بدفء غريب يدفعني للتفكير بالخارج، الماوراء الماوراء الماوراء …. هو ما أبحث عنه أود السير بلا حدود بلا حواجز لكنها حالة مستحيلة هنا.  مستحيلة جدا لا أعرف كيف أتخلص من هذه الرغبة، ولا من حالة عدم الجدوى في الواقع، الذي يدفعني بالتفكير بالعوالم الافتراضية، أو افتراض وجود عالم مليء بالمعاني والأفكار أعرف من خلاله عن ذاتي، عالم البحث عن إجابات ممكنة بلا حواجز وهمية عنوانها الحرام والممنوع.

تفاصيل الماوراء التي ربما أكتب عنها يوم الغد هي ما يستفزني ويحوّل كل شيء في نظري إلى عمل سطحي لا زلت أنتظر ما يهزني يجبرني لأغرف من أعماقي لأبكي بحق وأضحك لأسباب مضحكة حقا، لأغضب بعنف ولتهزني النشوة بشكل حقيقي، لأرقص من أخمص قدمي حتى أعمق نقطة في إحساسي، حتى لا اتصنع  أيَّ شيء بعد الآن أريد أن أشعر بصدق.

أعتقد بأن الجانب الآخر من النافذة الذي يفتقر لشجرة وارفة مرتفعة عن الأرض، يكفيه بأن الهواء يتحرك فيه للأعلى دائما لطبقة مختلفة من الحياة ليبهرني، يتصاعد للأعلى هناك ينظر إلي شزرا، أما أنا فلا زلت أسير في اتجاه واحد في بعض الأحايين ينتابني شعور بأن طريقي حلقة مفرغة لأنني أمر بأشياء مشابهة دائما قد يلعب في قسماتها الزمن ويكون له دوراً في تغييرها، لكنها تشبه لحد كبير ما شاهدته في المرة السابقة، حتى احساسي تجاهها يتكرر. نفس التفاصيل والأشياء والسقطات والأفكار، الجانب الآخر العصي على الفهم داخلي الجانب الآخر الذي يمنعني من التفكير في واقعي الجانب الآخر الذي قد يكون مذهلا لكنه قد يكون فارغا أيضا!. كيف أبقى هُنا على أرض الواقع؟، السبيل إلى ذلك يبدو عصيا لكن رحلتي هذه قد تكون المفتاح والسبب.

Art التدوينات العربية صورة Photo يومياتي - Diary

في منتصف الطريق

31 أكتوبر، 2016

7b18dc264ff8c37601a657dab284236c

Photo credit: Masashi Wakui

 

الطريق طويل طويل، والسير لن يتوقف أبدا، ما سبق لا يخرج عن نطاق بديهيات الحياة، التي نعرفها تمام المعرفة، لكن هل نستوعبها؟ أبعادها؟ ما تعطيه لنا وما تأخذه؟، مؤخرا حينما بدأت باستجواب كل التفاصيل البديهية التي أهز رأسي دائما حينما أسمعها وأردد داخلي “هذا أمر بديهي”، لكن لساني ينطق بما لا يعيه عقلي ولا يصدقه قلبي، هل حقاً أعرف بأن الحياة لا تنتظر أحدا؟ إذا لماذا أحزن حينما يشق شخصا طريقه بدوني ونكون مجرد ذكرى لا يستحضرها في أوقات الخلوة؟، والكثير من التفاصيل الصغيرة التي لم نكن لنعيشها لو كنّا حقا نعي حقيقة أن السير في الحياة لن يتوقف من أجلنا.

من الأشياء التي كبرت وأنا أمارسها، التأمل بالطريق منظر الأشياء تمر بسرعة، كلما مررنا بزاوية أو منعطف، أبقى أسلط النظر على نقطة أحاول إبقاء عينيّ عليها أتأملها جيد، لكن في لحظة ما ستتلاشى ويصبح من الصعب علي رؤىتها، لتمدد الطريق تحت عجلات سيارتي أو لاختفائها خلف جبال العمران، أو لبعدها عن المحيط الذي تغطيه عيني ببساطة، ماذا يحدث حينما نمر على الأشياء، الحياة، اللحظات، الأشخاص، الأماكن، المواقف، الأحداث؟، مجمل ما نتركه خلفنا هو بصمة على سطح الماء -نعم على سطح الماء- بسرعة البرق ستتلاشى، لن يشعر أحد بوجودك، أنت مجرد عابر مثل ملايين العابرين الذين سبقوك ومن سيأتي بعدك. حتى الأشخاص ستكون واحدا من العشرات الذين قابلوهم أشعر بأن أسطورة تأثير الأشخاص ببعضهم لم تعد تجدي معي كلنا وحيدون في طُرق مخصصة لتستوعب شخصاً واحدا فقط.  

لنعود لنافذة السيارة.. دائما ما يذكرني منظر الطريق بالحياة بأكملها.. لن يتوقف العالم حينما تمر من جانبه لن تتوقف الحياة حينما تغادرها لن يحدث أي شيء حتى هؤلاء الناس الذين مررت بهم في حياتك.. وإن أحبوك ستصبح ذكرى بالنسبة لهم.. كل ذلك أتذكره بشكل يومي وأنا أجلس أتأمل الطريق، المناظر، السيارات، المحلات، الشوارع، الأشخاص، البنايات، القاذورات على قارعة الطريق، التي تمر ببطء أو بسرعة البرق أحيانا ( يعتمد على نوعية السائق هنا) تأخذ حيزا من تفكيري.. من منّآ يمر بجانب الآخر؟ هل أنا المتحركة باتجاه قدري؟ أم أن الكون كله يمر بجانب بعضه بعضا؟ كوننا في عالم متحرك كما تعرفون – فهو أمر بديهي آخر حيز التفكير-.

الصمت مطلبٌ ظروري في الطريق، لا أحب التحدث لأحد تكفيني الموسيقى والنافذة وعقلي، أعد وأسقط الفكرة على لحظاتي وأفكر أحيانا بعدد السيارات التي تمر بجانبي وعدد الأشخاص الذين يمرون بنا في حياتنا هناك من هو قريب منا تتقاطع معه حياتنا وهناك من يطلق مزاميره علينا حينما نقترب منه، هناك من يشير إلينا بطريقة مؤدبة بأن نبتعد أو نزيح لها الطريق هناك من لا يهتم يتهور ويسير وكأن الشارع\الحياة ملكه وحده، هناك من يبالغ في أنانيته ويعرض روحه للخطر ويعرضنا معه للكثير من المشاعر السيئة، وهناك من يبقى دائما يسير خلف إشارات الحياة ويلتزم بقوانينها… وهناك وهناك وهناك.

الحياة مليئة بالاسقاطات والرمزية والتفاصيل التي لو زودنا جرعة التأمل اليومية حتما ستفتح لنا طُرقاً نحو ذواتنا، فهم الذات يبدأ من هُنا من التأمل.. أفلا تتفكرون؟.

هذه التدوينة برعاية : واجب الرياضيات بالتحديد كثيرات الحدود التي أعتقد بأنها بُعدٌ فلسفيٌ جديد يضاف لحياتي.

 

التدوينات العربية لوحات يومياتي - Diary

أنت أوف لاين إذا أنت ميّت

18 أكتوبر، 2016

11846577_1101725836522661_3995141588537683680_n


الدوافع خلف السلوك البشري، تجذبني أكثر من نتيجته، لذلك أحاول دائما تحليل الماوراء، كل تصرف له دوافعه لكن هل نبرر النتيجة لوجود مسبب قوي؟ هل يمحي ذلك تأثيرها على الواقع؟ الكثير من الأسئلة التي تتشعب كجذور (وايلد فيق) ضاربة في عمق أرض أفكاري، في هذه التدوينة أنا لا أدعي بأنها بحث مبني على أسس علمية هي فقط مجرد تأملات إن صح التعبير، بعد تجربة شخصية خضتها عدة مرات.

وللحديث عن ماوراء السلوك، يجدر الإشارة إلى فشلي ورغم محاولاتي لتحليل مايدفعني للعزلة، التواجد الدائم بين الناس يسبب لي الاضطراب، لذلك دائما أكون ذلك الشخص الذي يغادر أولا، وأكون دائما الشخص الذي ينسحب من العالم لفترات، كون الانعزال التام أشبه بالتحدي المستحيل، الذي قد يكلفني مصدر رزقي، أكتفي بالانعزال الافتراضي لفترات متقطعة خلال العام، فكانت شيئا أمارسه بين الحين والآخر. وأعتقد أنه سلوك صحي للغاية، وما أفعله هو إيقاف حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي التي استخدمها بما في ذلك الواتس أب، أبتعد قليلا عن كل تأثير، وأبقي أنا وأنا فقط، مع الاحتكاك البسيط ببقية الأشخاص على أرض الواقع القليلون مقارنة بالأعداد المهولة التي نحتك بها افتراضيا.

أبحث عن صفاء الذهن، لمعالجة الكثير من الأشياء المعلقة التي تحتاج مني تفاعل سريع وقرارات لحظية، في دوامة الملهيات التي تسرقني الوقت بطريقة لا أفهمها، لم أعرف مدى تغلغل هذه الوسائل لحياتنا، فالمرات الأولى التي اتخذت بها هذا القرار لتحقيق رغبة الإنعزال داخلي، لم تؤثر على علاقاتي بالأشخاص، فالعالم الافتراضي ليس الوسيلة الوحيدة للقاء، ولا الوسيلة الوحيدة للتواصل، أتذكر أن تقدير الحديث المباشر كان لايزال ينبض، الحوار الذي تدخل به كل حواسنا، وكانت العلاقات قليلة لكن وجودها في حياتي مهم وجوهري. وما أقصده هنا تقدير وجود الأصدقاء وتقدير الأوقات التي نسرقها من بين انشغالاتنا وتقدير للتجارب التي نشترك بها.

في المرات الأخيرة التي مارست بها الإنعزال الافتراضي، تيقنت بأننا معشر البشرية  في هذا الزمن أقدامنا مغروزة في رمال الواقع الافتراضي،  خاصة في مجال العمل الذي أقوم به يعتمد على التواجد والتعرف على الجديد والتفاعل مع المستجدات بشكل سريع جدا ربما أسرع من تفاعل الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي وهو أمر صعب جدا وغير ممكن أحيانا بل ومستحيل في ظل تشعب مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد الانقطاع عن جميع وسائل التواصل الاجتماعي، حتى التطبيقات التي تستخدم للرسائل، تيقنت بأن حكمة الوقت المعاصر تقول: ( أنت أوف لاين  يعني أنت فعلا غير موجودة واقعيا بالنسبة للكثيرين)، حتى الأشخاص الذين نقول عنهم أصدقاء، يسقطونا بشكل تام من قوائمهم  كل الأحداث الاجتماعية نتعرف عليها من خلال صورة أو (بوست)، إذا لم تثبت وجودك افتراضيا أنت منسي من قوائم الكثيرين، أصبحنا نتعرف على أصدقائنا بشكل جديد خلال ما يقولونه على تلك المواقع، أصبحنا نقدم أنفسنا خلالها، بدأ التواصل الشخصي المباشر يغيب عن البعض،  المكالمات التي تبدأ بـ ( أبشرك) تتلاشى أمام (بوست الفيسبوك) أو تحديث السناب شات. وأنا هنا لا أدعي بأنه أمرٌ سيء، أنا فقط أسجل ملاحظاتي، كوني شخص لازال يؤمن بتلامس النظرات بدون جواجز شاشات، وللحديث الذي يطير من شفاه أحدهم لأذناي دون أن يمر بفلاتر تحوله لوجبة دسمة لعيناي، هذه الفلاتر التي كونت ترسبات يمكن أن أشبهها بالشمعية تؤثر على وصول الرسالة للمتلقي كما نريدها نحن.
ما أشعر به الآن هو انتقال الإنسان من شخص بسيط إلى ذاك الكائن الذي يخاطب الجماعة وكأنه على منصة عليا- أقصد هنا على المستوى الشخصي البسيط وعلى مستوى علاقات الأصدقاء- أصبح يأخذ منحى مختلف لم يعد حديثا مباشرا، سابقا كلنا نعرف كيف نتعرف على الأصدقاء أو كيف نجدهم. كانت أحاديثهم موجهة لنا، تقصدنا لأننا نعني لهم الكثير، لذلك تجاوبنا حتمي، الحديث الآن موجه للجميع وبالتالي فهو لا يخص أحدا، فهو مجرد حديث فارغ.

هذا الزمن إخترع أدوات تواصل لا يمكنني استيعابها حتى الآن، كيف يمكننا قياس لغة الجسد وفهم ماوراء الحديث البشري ضاع تأثير النظرة، والمعاني البعيدة خلف مط الحروف أحيانا أو التشديد على بعضها، أعتقد بأن العلماء عليهم البدء بالحديث عن فن آخر، لغة العالم الافتراضي، وكيف تفهم لغة الأيقونات، إذا كانوا حقا يودون إنقاذ التواصل البشري، وأعتقد بأن الذكاء الافتراضي الآن لا يقل أهمية عن الذكاء العاطفي، ربما نشاهد مؤلفات من نوع ( كيف تفهم الطرف الآخر في ثلاث محادثات) أو ( أهمية استخدام الأيقونة الصحيحة في الحوار الإلكتروني). وأشياء من هذا القبيل.
في العالم المعاصر كيف أقيس صداقاتي؟ هل بعدد مرات الإعجاب التي صدرت من الشخص تجاه حديث لي أو صورة؟ أم بلون القلب المستخدم للتعبير عن الحب؟ هل إعادة تغريد الـ١٤٠ حرفا الخاصة بي يُعد صداقة حقيقة؟ وما مدى مصداقية مانقوله لبعضنا البعض؟ كيف أقيس مقدار الترابط بيني وبين الأشخاص الآخرين؟. أؤمن بأن هناك شيء ما في المشاعر في خلفية مانقوله أو في معية تصرفاتنا يقول الكثير عنّآ وعن علاقاتنا بالناس ويرسل الكثير مما لا تفسره الكلمات هنا تكمن أهمية اللقاء البشري والتواصل المباشر الذي له أدواته، هناك الكثير من الأشخاص الذين كنت أعتقد بأن ( الكامستري) بيننا عالية جدا بناءا على محادثات خلال فلاتر الواقع الافتراضي، ولكن حينما التقينا ١٠ دقائق كانت كفيلة لتوضيح كل شيء ولأتيقن بأننا لن نصبح أصدقاء.

إذا استمر التواصل البشري مرتكزا على هذه الأدوات التي لا أفهمها، أخشى أن تضربني الوحدة في العمق، وأن نكتفي -كبشر- بما نبنيه افتراضياً وبما يقدمه لنا العالم الموازي من منصات تخدم الكائن النرجسي داخلنا،  هل سيصل بنا الأمر بأن نأكل افتراضيا لا تسألوني كيف، لكنه تساؤل مشروع في ظل المنحى الذي أخذه التواصل البشري، فالحاجات الإنسانية أصبحت تجد لها عالما موازيا يلبيها قد تغنيه عن التواصل الحقيقي فهل ستكون الحاجة للأكل واحدة منها؟.

 

اللوحة عنوانها islands، تترجم عزلتنا وكأن حياتنا داخل مواقع التواصل الاجتماعي هي جزر مهجورة إلا منا. للفنان باول كوزنسكي تدوينه سابقة كتبتها عن فنّه هنا.