رفوف المكتبة - Books كان يا مكان - Stories

حوض السبِّاحة.

29 أبريل، 2009

 

حوض السِّباحة -يوكو أوغاوا
دار الآداب

 

في تلك البقعة المنزوية داخل المقهى الصغير، جلست تتأملُ الكتاب في يديها وغلافه الذي يشعلُ الفضول فيها (حوض السِّباحة) تتساءل هل أحسنت الاختيار؟. حوض السِّباحة، تسأل نفسها، هل سأغرق هل سأبتل هل سأسبح؟. في حروف هذا الكتاب وبين فواصله بين انعطافات أفكاره و بعد نقاط التوقف فيه، قبل أن تلتهم صفحاته مع قهوتها جالت نظراتها في ما حولها لغات غريبة عنها وأخرى ألفتها تستمع لأحاديث اعتلت الأصوات فيها انفعالاً، أو إلى ضحكات هاربة من أفواه صبايا التقطت أذنها حوار دار على بعد بضع خطوات منها , في المقعد القريب منها إحداهن تتحدث بشيء من التوتر :
–  Oh John , tell me did you say that ? , oh I can’t believe it.
ويرد عليها الرجل المحدق بها ببلاهه :
Oh again you just want to fight.

تلتفت للجهة المقابلة هناك من يناقش مشاكل العمل بالهاتف وهناك امرأة تتحدث بشيء من الهمس بهاتفها، لم تحس بــالنادل الذي يقف على رأسها إلا حينما مد لها القائمة وهو يبتسم :
-Welcome
قالت له وهي تعيد القائمة دون أن تتصفحها :
–  Black coffee with caramel, please 
– ok ,what else?
– thats it.

تبسط الكتاب القابع بين يديها تلاحظ كيف أنه انطوى مثل أسطوانة بفعل قبضتها المشدودة عليه منذ دقائق :

جون يقف على حافة الحوض و تلك التي تجلس لتمارس سرها الجميل التجسس عليه وقت التدريب تلتهمه بنظراتها وهو يخترق الماء مخلفا ثقب دائري يهتز على إثره سطحه وما يلبث أن  يلتئم هذا الثقب,تتخيل كيف هي شقلباته التي تفتنها تحت الماء كيف أن عضلات جسده القوي تغلفها المياه وتتخيّل أيضاً تكوره وهو قريب من أرض المسبح ودفعه القاع بقوة ليخترق الماء مره أخرى كاشفاً عن وجهه ومخلفاً دوائر أخرى تصغر شيئاً فشئياً, سطح المسبح المرتجف يشبه بحركته المتموجة قلب خائف , الخوف يحرك قلوبنا عدداً لانهائياً من الحركات ويثور فجأة ذاك المرتجف إذا مااقتحم شيئ ماشخص ما , سطحه بقوة

حنان ونقاء مفرط على حواف حوض السِّباحة وعلى سطح الماء وبين رذاذه المتفجر بعد قفزة جون تقابلها رغبة في القسوة والإنتقام داخل الميتم، وابتكار طرق جديدة من أجل رؤية عذابات طفلة تلتفت يمنة ويسرة تلتقط كل شي صغير ملقى بلا إهتمام، يوكو اوغاوا وكما في “غرفة مثالية لرجل مريض” تتحدث عن الأيتام وعن أبناء المسؤولين عن هذه الدور، كيف توحي لهم المساواة بينهم وبين أيتام الدار إلى الشعور باليتم الحقيقي والإحساس بالوحدة والعزلة التي يشعر بها الأيتام الذين افاقوا على حقيقة أن لا أحد تعنيه حياتهم، وكيف يجاهدون مهذبين تصرفاتهم حتى تتبناهم إحدى العائلات، ليشعرون بالدفء الأسري بشكل واقعي، ولكن ماذا عن المتعذبين لأنهم ومهما حاولوا لن يحصلوا على فرصة للخروج من جو الميتم لأنهم أيتام في نمط العيش الذي إختارته لهم عائلاتهم، الذين إتسعت قلوبهم لآلام الأيتام، لكنها أبداً لم تستطع أن تفسح لهم مجالاً في داخلها. ي
وكو تكتب مسلطة الضوء على النقاط التي تريد من القاريء أن يركز عليها وكما في غرفة مثالية عرفت كيف تجعلنا نحس بإشعاع اللون الابيض ينبثق من بين السطور، هنا وبعد هذه الرواية شعرت بأن الكون له رائحة كلور المسبح لون الماء الشفاف وبأن رذاذ الماء يبلل شفتيّها، أحسستُ بالعطش أغلقتُ الكتاب أفكرُ بالثمانين صفحة التي قرأتها بإهتمام بالشخصيات التي تتصرف دوماً في الروايات اليابانية وكأنها لا تعني ما تقوم به أو تقوله، الشخصيات التي تتحدث إلى نفسها بشيء وتتصرف على نحو مغاير تماماً وعن يوكو كيف تكتب بطريقة خفيفة آسرة وكيف تكشف بذات الطريقة أغوار نفسيات شخصياتها هي تكتب بإحساس كبير ورواياتها القصيرة تشد القاريء، لا تجعل متسعاً للعقل بأن يفكر بشيء غير ماتريدنا هي أن نفكر به.

You Might Also Like

6 Comments

  • Reply نوفه 30 أبريل، 2009 at 10:14 ص

    قرأتها أسلوب شيق و لكني سأعود للقراءة مرة أخرى

    أسلوبك في قراءة الكتب يجذب 🙂

    أحترامي و تقديري لفكرك المبهر :f3:

  • Reply ماسة زيوس 30 أبريل، 2009 at 1:30 م

    أحببت كثيرا هنا الوقوف عند الأيتام ومعاناتهم..
    ربما نحن جميعاً نحتاج الى الوقوف لحظة عند حوض السباحة ذاك ومن ثم الغوص فيه حتى ننغمس جيدا في شعور الآخرين ومعاناتهم..
    تروق لي إختياراتك…شكرا لك مشاعل

  • Reply منٌـو/ غفرالله لها 1 مايو، 2009 at 7:16 م

    بما أنني لا أجيد السباحة أخاف أن أقتنيها فـ أغرق :haa:
    راح أبحث وأتصفحها شديتيني لها بس خليني أخلص من قائمتي :dr:
    موفقه يآرب :f3:

  • Reply Adham 4 مايو، 2009 at 7:41 ص

    شوقتيني كثيراً لقرائتها 🙂 ,, سأقتنيها قريباً إن شاء الله ,
    كل الشكر والتحية .

    أدهم

  • Reply داليا الشعلان 4 مايو، 2009 at 9:20 ص

    وكأني أحببتها 🙂

    سأقتنيها …. وفقط

  • Reply Tulip 11 مايو، 2009 at 3:04 ص

    :
    يروقني اختيارك للكتب
    سأحاول اقتنائها وقرائتها قريب ..
    دمتـ رائعة .. :f2:

  • Leave a Reply

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.