Browsing Tag

الهوية

Daftar - دفتر التدوينات العربية العمل الحر - Freelancer

صُنّاع المحتوى في السُوق المحلّي

26 أكتوبر، 2017

IMG_4515
صناعة المحتوى هي مهنة تحتاج من الجهد أقصاه، وقبل الدخول في أي تفاصيل، أود أن أوضح أنها ليست “مهنة لمن لا مهنة له”، أما بعد؛ سأفترض عزيزي القارئ بأنك صانع محتوى أو شخص مهتم لفهم السوق المحلي لصناعة المحتوى. خصصت هذه التدوينة للحديث عن المصاعب والعقبات.    

لست بصدد أن أعطي حلولًا لأنني حقيقة لم أصل للمرحلة التي تخولني من وضع الحلول، وإنما أحببت تسليط الضوء على معاناة تواجهنا أثناء تأدية أعمالنا. وما لاحظته أن هناك أبعاد عدّة تتصل بالموضوع الذي أود طرحه، بُعد يخص العميل، وطبيعة العمل، وآخر متصل بصنّاع المحتوى ذاتهم.

أولا: فهم طبيعة العمل:
هناك تصور سائد واجهني كثيرًا -وبعض من زملاء المهنة الذين تحدثت إليهم- أن أي شخص يجيد الكتابة السليمة يمكنه أن يكون صانع محتوى، وهذا إلى حدٍ ما صحيح، لكن هل ينطبق على كل أنواع صناعة المحتوى؟ هناك مهارات مختلفة يجب على كاتب المحتوى أن يتقنها كي يتمكن من الكتابة بشكل جاذب يتفهم الجمهور المستهدف، ويضع بالاعتبار شخصية المكان، والأهم من ذلك الملكة الإبداعية ليتمكن من التميُّز عن غيره، أن يعرف كيف يبحث عن معلوماتك وكيف يقيس ردة الفعل، وأن يفهم الغرض الذي يكتب من أجله وبعض المهارات التي ينميها شغف صانع المحتوى ومدى الوقت الذي استثمره ليطوّر ذاته.

وهناك نقطة أخرى حقيقة شكلت لي الصدمة حينما قال لي أحد العملاء – تجيدين الكتابة لن يأخذ هذا الأمر سوى ساعة إذا كنت تكتبين بشكل مستمر!، وكان يقصد هنا أن أبتكر اسم حملة وأكتب رسائل الحملة ونموذج للمحتوى، أن تعرف كيف تكتب بشكل سليم لا يعني أن كل المعلومات والأفكار جاهزة تنتظرك لتجلس أمام شاشة الكمبيوتر لتنساب على الصفحة البيضاء، صدقوني نود لو كانت بهذه السهولة لما كُنّا نقضي الساعات في البحث والساعات في التحرير والساعات في التفكير بفكرة رئيسية ينطلق منها المحتوى كاملًا ويتفرع ليتناسب مع المنصات المطلوبة.

خطوات العمل لكتابة محتوى – أي كان-  تختلف من كاتب لآخر:
معرفة هوية العميل
البحث عن المنافسين
إيجاد الأفكار التي ينطلق منها المحتوى
البحث عن المعلومات المطلوبة
فلترة المعلومات
الكتابة لكل منصة بشكل مختلف
تدقيق المعلومات ومدى تسلسلها وملائمتها

ثانيًا: العميل

وضوح الهوية:
للبدء بصناعة محتوى متخصص، يعبر عن العميل يجب أن يعرف العميل أهدافه بشكل مركز ومباشر، وأن يعرف الطريقة\الشخصية ونبرة الحديث التي يود من متابعيه/زبائنه أن يميزونه عن غيره من خلالها، فإن لم يعرف ذلك عليه أن يجلس مع كاتب المحتوى – إذا كانت لديه الخبرة الكافية- ليحدد ذلك مسبقًا، فهو الأساس الذي سيحدد طريقة الحديث وشكل المحتوى المقدم. وهو الأساس للحكم على جودة العمل من عدمها فبدونها لا يمكن بأي شكل تقييّم مدى ملائمة المكتوب للعميل. وقد يتسبب المشي بغير هدى؛ لإعادة العمل والصياغة لمرات عدة تشكل عبئًا على الكاتب.

الثقة:
يعيّن العميل الشخص الذي سيكتب المحتوى ومع ذلك، يتدخل بكل صغيرة وكبيرة ويحول كل شيء لعملية معقدة فيها الكثير من الأخذ والعطاء، ما نحتاجه هنا هي الثقة بحكمنا، و بطريقتنا في العمل وانتظار النتائج فقط. من المهم على العميل تحديد الإطار العام الذي يود أن يعبر عن نفسه من خلاله إن لم يكن بعد يعرف ماهي الهوية التي يود أن يظهر بها على أقل تقدير يحدد الشروط، وما هي الحدود الغير مسموح لنا تجاوزها وما بينهما هي مساحة يجب أن تعطي الخبز لخبّازه من خلالها.

الاستثمار بالمحتوى:
مازال السوق لا يعي بشكل كامل أهمية المحتوى، وأهمية الاستثمار في هذا المجال، لذلك نجد أن ما يعرضه العميل من مبلغ مالي لا يتوافق مع المطلوب أصلا، لذلك يقدم صناع المحتوى ما يتوافق مع المبالغ المعروضة والتي لا تعطي لهم مساحات لاستثمار المزيد من الوقت، في الابتكار والبحث والتجديد.

نجد أن بعض الشركات توكل بمهمة الكتابة لبعض موظفي الشركة الغير متخصصين وهذا دليل على استهانة الشركات بأهمية الكتابة المتخصصة.

الوقت:
العميل لا يعطي الوقت الكافي للبحث وبالتالي يؤثر ذلك على خيارات الكاتب وجودة النتيجة النهائية.

 

“أحيانا كثيرة لا يدرك العميل مراده من المحتوى الذي يتم صناعته، يكون مشتتًا بعدة أفكار وتوجهات فيقوم بممارسة اللحلّ السحري والإبداعي من وجهة نظره وهو “دمج كل تلك الرؤى والتوجهات” في نصّ واحد، وبكل تأكيد سيكون نصّاً مشوّها لا يرضي صانع المحتوى قبل أن يرضي العميل !
وأحيانا يستهين العميل بعمل صانع المحتوى نتيجة لجهله وعدم إدراكه معنى “صناعة المحتوى” فالأمر بالنسبة له “مجرّد كتابة” ولذلك يعطيه فترة زمنية قصيرة جدا لممارسة “الكتابة” !
ما يفوت على أغلب الشركات ومدراء التسويق في تعاملهم مع صانعي المحتوى والكتّاب بشكل عام هو أنّه على الرغم من أهميّة المال إلا أنه على الأغلب من آخر اهتماماتهم !”
مؤازر صلاح – صحافي وصانع محتوى


ثالثًا: الرواتب والتسعير:

المستقلّون بالعمل:
التسعير هي المشكلة الأزليّة، هناك الكثير من المشاريع التي تعرض ويضطر الكاتب للاعتذار عنها، كون المبالغ المعروضة لا تشكل حتى ربع الجهد المبذول، فالكاتب هنا أمام مأزق، إذا قَبِل بالعمل فهو يضع حدًا للأسعار وهذا يظلم الكُتّاب وإذا رفض -خاصة للمستقلّون- لن يجد دخلًا يكفيه حتى المشروع المقبل، جميعنا في بداياتنا قبلنا بالكتابة بأسعار زهيدة وفي بعض الأحيان بدون مقابل رغبة منا بتوضيح دور المحتوى أو اكتساب الخبرة، لكن من الصعب القبول بالتسعير المنخفض للأبد.
مجال صناعة المحتوى مجال خصب لإيجاد فرص عمل للمستقلين لكن التسعير يقف عائقًا، ونجد أن ذات العملاء الذين يعرضون أسعارًا زهيدة حينما لايجدون من يقدم لهم هذه الخدمات يتجهون للوكالات والشركات ويدفعون مبالغ طائلة، وهذا يعيدنا لأزمة الثقة التي تحدثنا عنها أعلاه.
وأنا حقيقة لا أعرف من يمكنه أن يكون الحكم في مسألة التسعير؟

الموظفون في الشركات:
توظف الشركة  كاتبًا واحدًا، براتب يعد جيّدًا في البداية، لمجموعة المهام التي وضّحت في العقد، لكن لا يعرف الموظف حجمها حتى يدخل للسوق، ليجد نفسه يكتب محتوى لمنصات التواصل الاجتماعي للشركة، ويمتد لعملاء الشركة يصل بين ٥ عملاء باختلاف منصات التواصل الاجتماعية الخاصة بهم، والراتب يظل ثابتًا مهما كان إنجاز هذا الكاتب أو اتساع خبرته، أو عدد العملاء الذين يعمل لخدمتهم.

للكتاب المبتدئين في صناعة المحتوى يعد أمرًا جيدًا أن يدخل سوق العمل ويعمل بكثافة، ولكن العمل لعدد كبير من العملاء في نفس الوقت لا يترك للكاتب مجالا لينوّع في كتاباته، أو ليجري البحث المطلوب للخروج بمحتوى مميز، ويستهلك الكاتب نفسه بشكل كبير، في مقابل راتب ثابت لا يزيد غالبًا ولا يعطى أي (Bonus – overtime).

معلومات عامة:
متوسط دخل الكاتب المبتدئ Junior copywriter  عالميًا بحسب مواقع الرواتب بشكل سنوي: 48113$
متوسط دخل الكاتب المتمرس Senior copywriter  عالميًا بحسب مواقع الرواتب بشكل سنوي: 75720$


رابعًا: كُتّاب المحتوى:

عدم معرفة قيمة عملهم:
بعضهم لا يعرف قيمة عمله وبالتالي فهو لا يقاتل في سبيل الحصول على حقوقه كاملة، وبعضهم لا يعمل بشكل احترافي لا يملك ملف يوضح أعماله السابقة (Portfolio) ولا يوضح بالضبط ما يمكنه تقديمه للعميل، وبالتالي ينظر إليه – بتاع كلو- كاتب ومدقق ومترجم  وباحث وكاتب سيناريو وصانع أفكار وكاتب مقالات وخطابات، و هَلُمَّ جَرّا .

“عدم فهم مهنة كاتب المحتوى هي الأساس لكثير من المشاكل التي تواجهه، فهناك خلط بين المدقق والمحرر والكاتب والمترجم، فتختلط التوقعات والمطالبات التي تقع على عاتق كاتب المحتوى، إضافة إلى الاستهانة بحجم الوقت والمساحة التي يحتاجها ليقدم أقصى ما يمكن من إبداع يجعل من محتواه مميّز أو يضيف قيمة، وهذا يعتمد في ذات الوقت على خبرته ونوعية المحتوى المطلوب.
كما أن عدم الاهتمام بتقديم كافة المصادر الموثوقة من قبل العميل فيما يخص منتجاته أو بياناته، تجعل من كتابة المحتوى أمر صعب فعلًا”
بيان الجهني كاتبة محتوى

عدم الاستثمار بالتعليم والتطوير:
هناك من يعتقد بأنه قادر على الكتابة لأي جهة ولأي غرض، ولا يعترف بحاجته للتعلم والتطور ولا يستثمر من وقته لتعلم مهارات جديدة أو يستثمر من دخله للحصول على دورات تشرح التطورات في سوق العمل تفتح الأذهان على أفكار وطرق جديدة. أو حتى من خلال البحث للإطلاع على التجارب المختلفة حول العالم.

التخصص:
في حين أن الكتابة المهنية المتخصصة تحتاج لأشخاص متمرسون يعني من يجيد الكتابة للأغراض التسويقية ليس بالضرورة كاتب مقالات جيد أو كاتب سيناريو، هناك من هو ممتاز بصناعة الأفكار وهناك من هو متخصص في إخراجها للنور،  وهناك الباحث المتميز الذي سيستخرج لك معلومات تشكل الأساس للمحتوى الذي ستكتبه، وقد يجيد ذات الشخص إذا ما استثمر بالتعليم والتطوير أكثر من مهارة، وبحسب خبرته، ولكن لا يعني بأن عليه أن يكون متميزًا في كل شيء لا تقبل بعمل لا يندرج تحت مهاراتك خاصة لو أنه عمل يحتاج للتسليم بسرعة، ولا يعطيك المساحة بالتفكير والبحث والتعلم لأنك تسيء لسمعة الكتّاب إذا ما سلمت عملًا دون المستوى، يجعل العميل يفكر بأنه لو أوكل المهمة لأي من موظفيه الحاليين لكانت النتيجة ذاتها دون الحاجة للإنفاق الزائد هنا وهناك.

حاولت من خلال هذه التدوينة أن أجمع بعض النقاط من الصعب إدراج كل شيء في مقال واحد قد ألحقه في مقال قادم، ماذا عنكم معشر الكُتّاب هنا وهناك؟ حدثوني عن تجاربكم لنستفيد.

 

التدوينات العربية سينما - Movies

5 Broken Cameras

20 أغسطس، 2013

5_Broken_Cameras_Movie_Poster_Large
النضال الفلسطيني .. رمزا للأمل رغم كل المرارة التي تحيط به, 5 Broken Cameras , تصور بكل خدوش عدساتها  قصة الأمل, كفاح الفلسطيني ارتباطه بأرضة احتضانه لشجرة الزيتون شجاعة أطفاله غير المسبوقة, سنوات تمر وسيظل قلب الفلسطيني من طفولته لشبابه لكهولته متعلقا بغصن الزيتون ومرتبط بأرضه.فيلم وثائقي يحكي رحلة مزارع فلسطيني من قرية بالعين في الضفة الغربية, يحتمي خلف كاميرته ويوضح كيف تسرق أراضيهم شبر بعد شبر, كيف يسلبوهم حقهم  بطريقة علنية لا يتوقف معها الجيش المحتل عن التغاضي عن غضب الفلسطينيين على سرقة أرضهم.

الفرية الصغيرة التي يتضاءل حجمها جراء الاحتلال عام بعد عام, هي مثال بسيط للمقاومة, كل يوم جمعة المقاومة تتجدد , كل يوم جمعة ترفع أعلام فلسطين وأغصان الزيتون, كل يوم جمعة يسير الفلسطيني ومعه أطفاله باتجاه السور الفاصل للتعبير عن الاحتجاج ومستعد للقيام بذلك حتى آخر يوم من عمره.
5-broken-cameras
مشهد تسلق  الرجل الكبير لسيارة الجيش الإسرائيلي محتجا على اعتقال ابنه والعجوز التي تصرخ على جندي من أجل أبنها أبكتي, لله در الشجاعة التي تتحلون بها , جبناء نحن بجانب هيبة شجاعتكم جبناء نعيش في عالم مريح تأخذنا الأخبار عن ما يحصل في فلسطين أنسى وأخجل بأنني اعترف بنسيان فلسطين أحيانا لا يحق لي الحياة بسعادة دون أن تكون فلسطين جزاء من أحلامي المستقبلية, شعرت بالخجل عندما عرض الفيلم الناشطين من كل العالم يرتمون على الأرض أمام سيارات الجيش يلصقون أنفسهم بالجدار العازل يستلقون تحت العربات التي تحمل البيوت المتحركة للمستوطنين وماذا فعلت أنا ؟  لا شيء  يالله  سامحني على اللا شيء الذي أغوص به.

جبريل الذي فقد طفولته في وقت مبكر وهو طفل الرابعة يراقب طيران القنابل المسيلة للدموع في الهواء يراقب ويشاهد الفيل يتلقى الطلقة بصدره, ويموت مصدر التفاؤل في القرية قبل أن يعيش حلم عودة فلسطين أو حتى هد الجدار العازل..

الفيل رحمه الله ذو القلب الطفولي الذي يتشبث بشجرة الزيتون كما يتشبث الطفل بلعبته الرجل الذي يقف بكل شجاعة أمام أسلحة المحتل غير مبالي بما سيحدث يصرخ طالبا أرضه ورافضا بناء الجدار الذي احتفلت القرية بهده ليفاجؤا ببناء جدار أسمنتي يزحف ليأكل ماتبقى من قريتهم..

الشهيد الفيل, الشخصية التي تتكرر في قرى فلسطين العالم يتسابق للصدارة في كل شيء ويترك لكم الصدارة في الشجاعة والأمل والتمسك بالحياة رغم كل الألم إلا أن ابتسامة التفاؤل لا تفارق  مثل هذه الشخصيات, كل من نسي النضال الفلسطيني يجب أن يشاهد ” 5 Broken Cameras ”  يجب أن يعرف يوميات قرية بسيطة في فلسطين يوميات الأمل يوميات الشجاعة ويوميات الرجال الحقيقيين.

الفيلم مجرد نقل ليوميات مواطن ينقل بالعدسة ما يحدث بأرضه بكل تفاصيله وحقيقته, بدون ترتيب خلال أكثر من ساعة جمع ما رصدته كاميراته الخمس المكسورة, وهو من الأفلام التي رشحت لجائزة أوسكار الأخيرة في تصنيف الأفلام الوثائقية.
من المهم أن يشاهد هذا الفيلم وأن يعاد مرات ومرات ومرات حتى يبقى دائما النضال الفلسطيني حيا في ذاكرتنا.

التدوينات العربية رفوف المكتبة - Books قالوا - Quotes

روايات لـ ميلان كونديرا

24 ديسمبر، 2012

في تحدي القراءة بدأته على موقع قودريدز هذا العام, قرأت 3 روايات لميلان كونديرا, سأدرجها في تدوينة واحدة لأنه لا يوجد الكثير لقوله عن كل واحدة, حقيقة لا أعرف ماذا أقول حينما أنتهي من القراءة لكونديرا رغم أنه يحيِّ الكثير من الأفكار داخلي:
الهوية :


“لا تستطيعين قياس المحبة المتبادلة بين كائنين بشريين بعدد الكلمات التي يتبادلانها، الأمر بكل بساطة هو أن رأسيهما فارغان وربما كانا يرفضان -عن لباقة- أن يتحادثا لأنه ليس لديهما ما يقال. “

لا أكتفي من الروايات القصيرة مع كونديرا، كنت أقرأ بنهم وبطريقة سريعة أبحث بها عن نقطة توقف لالتقاط أنفاسي والتفكير، لكن القراءة عمل عقلي لا مجال معه للتوقف خصوصا مع العبقرية التي تجبرنا على الحياة داخل الرواية والتفكير داخلها واستخدام منطق شخصياتها.
” شانتيل” تبحث عن -أناها- لم تعد تتعرف عليها في تفاصيل تغيرت من عمرها، ” لم يعد الرجال ينظرون إليها ” كل ما يخطر في عقلها من تساؤلات عن خط الزمن الذي مرت
به عن معاني لأفكار نمر بها نحن أيضا عن الأصدقاء الحب الجمال العمر الجسد عن الذات.
ومارك حبيب شانتيل القوي بصغر عمره الذي يشعرها بالضعف، مارك الذي يقوده حبه للبس قناع يحاول من خلاله طرد هواجس أرهقت حبيبته لكنه يقع في فخ السؤال والعبث
العقلي الذي تنتجه الأسرار.
برأيي أن جمال هذه الرواية في غموضها، و بحثها عن الهوية بين متغيرات الزمن وعناصر أخرى من الواقع الذي تمر به وتتساءل عنه دائما.
قربها من الواقع بشكل كبير يجعل منها بوابة للتساؤلات والبحث في الماضي الخفي وما طرأ على إحساسك تجاه هويتك التي تعتقد كل عام بأنك بدأت تتأكد من معرفتها وتسيطر على ما يؤثر عليها.
الخلل الذي أصاب علاقة شانتيل ومارك، أصابني بالحيرة، وكيف ينظر كل شريك نحو شريكه و ما مقدار ما تتأكد من قوته وثباته بالعلاقاتك المختلفة.
أذكر أنني قلت لصديقتي التي تنتقد الروايات دائما، أن كونديرا أحد الكتاب الذين يؤكدون بذكائهم بأن الرواية ليست مجرد حكاية تقرأ للتسلية هي بوابة للعديد من التساؤلات
واستجواب الذات، حتى لا أبدو “متحمسة” أكثر مما ينبغي سأنهي كلامي هنا.

البطء :

البطء اللذة التي تأتي من الهدوء والتركيز يفتقدها هذا العالم, كنت أعتقد أن هذه فكرة كونديرا من الرواية, لكنها كانت عالمين متداخلين يقفز بينهما كونديرا ليتحدث عن البطء والحب والعلاقات السريعة, ورقص السياسيين.

كما يعودنا كونديرا الأفكار من حيث لا نتوقعها أفكار تراودنا دائما لكنه يعرضها بعمقه الرائع، الرواية هي عن زمانين متداخلين في ذات المكان، ويستحضر خلال الأحداث رواية من القران الثامن عشر “ليلة بلا غد” التي تتحدث عن السيدة “ت” التي تمر في علاقة في شاب جديد، الأمر الذي يقارنه بحياة شخصياته من القرن العشرين.
فلسفة كونديرا مفضلة لدي بطريقة يصعب حتى الحديث عنها.

الجهل:

” الحنين ألم الجهل “

تركت هذه الرواية فترة طويلة، كما هي العادة تطير كل الأفكار التي قررت الكتابة عنها بعد الانتهاء، لأنني لم أجد وقتا كافيا، الرواية تتحدث عن المهاجر، الذي دفعته أسباب كثيرة للهرب من وطنه، أو ما يعتقد الجميع وطنه ليحاول دفن جذوره في بلد آخر، الوطن الأم ينظر إليه كهارب مذنب، والوطن الجديد يعامله -وإن كانت بطريقة غير مباشرة- كأنه دخيل وضيف طال بقاؤه.
كونديرا يغوص في كل شخصية يدرسها بطريقة مشوقة، لنشاركه معرفة دوافع الهرب، أو البقاء، ماذا يفعل المنفى؟ أو الأوطان التي نبحث عنها خارج حدودنا؟ في الشخص الذي كنّاه!، كيف أن الشوارع القديمة والوجوه المألوفة لم تعد تحرك في المهاجر سوى حنينه القديم للهرب، كيف نعتاد على الوطن الجديد لنعود تائهين في شوارع مع كل خطوة نتأكد بأننا نعرفها لكنها لم تعد تعرفنا. كونديرا أكثر ما يبدع في هذا الموضوع لأنه يعيش في فرنسا بعد هجرته لوطنه التشيك وتغيير الكثير من المفاهيم التي كبر عليها واعتنقها.
هناك تساؤل توقفت عنده كثيرا جاء على لسان البطلة :

” كيف تستطيع نساء لا يصغى إليهن أن يضحكن؟! “

هنا حسابي في قودريز إذا أحببتم متابعة قراءاتي 🙂