Browsing Tag

كتاب

التدوينات العربية رفوف المكتبة - Books

صراع الذكاء في “كيف أصبحت غبيًا؟”

25 يوليو، 2018

 

كتبت هذه المراجعة قبل أكثر من سنة وكنت أود نشرها في مجلة القافلة لذلك انتظرت كل هذا الوقت وأخيرا نشرت في العدد الأخير (تجدونها في موقع مجلة القافلة هنا)

 

منذ أن ظهرت قبل بضع سنوات، لا تزال رواية “كيف أصبحت غبياً” للأديب الفرنسي مارتن باج موضع خلاف بين النقاد حول تصنيفها. فمنهم من يكتفي بتصنيفها على أنها رواية ساخرة، ومنهم من يسارع إلى وصفها منذ السطر الأول بأنها رواية فلسفية، وكأنه يخشى على قيمتها الأدبية من أن تتدنى إذا ما وصفت بالساخرة. ولربما كانت وجهتا النظر هاتين على حق في آنٍ واحدٍ. أما بالنسبة إلينا، فقد حضر إلى أذهاننا أثناء قراءة هذه الرواية بيت المتنبي القائل:

ذو العَقْلِ يَشْقَى فِيْ النَّعيم بِعَقْلِهِ                 وأَخُو الجَهَالَةِ فِيْ الشَّقَاوةِ يَنْعَمُ

العقل قوة تقود حياة الإنسان، وهو أداة للنعيم وللشقاء، وقد يلقي بصاحبه في متاهات لانهائية. ولكن هل من الممكن أن تتحول إلى شخص لا يفكر؟ هل بإمكانك أن تنتقل من زمرة الأشخاص الذين يحتقرون الحياة الاستهلاكية التي تسطّح الفكر، إلى من يمكنه الانغماس فيها بدون أي شعور بالسخف؟ وهل فكرة الانغماس في حياة الملذات والاستهلاك هي حقاً طريق إلى الغباء؟ وهل يمكن للإنسان أن يتغير بهذه السهولة والسرعة ويعيش في تناقض بين إيمانه الداخلي وتصرفاته الخارجية؟ هل حقاً يوجد مفتاح يمكن إدارته في أي اتجاه والتحكم بمدى قدرات العقل؟ هذا الكتاب يلعب حقاً بالمفتـاح الخـاص بعقل القارئ، فالفكرة والأسلوب على قدر شاهق من الذكاء، تتزاحم على إثره التساؤلات، وتصبح كرّاسة القارئ مليئة بسطور استبدلت فيها نقاط النهاية بعلامات الاستفهام.

رواية الكاتب الفرنسي مارتن باج ساخرة وفلسفية من الطراز الرفيع. فازت بجائزة أدب المدارس، وهي جائزة تعطى من قبل الطلاب في ألمانيا وبلجيكا وهولندا، وترجمت إلى 24 لغة، من بينها العربية، وصدرت عن المركز الثقافي العربي عام 2013م.

الموت أو الغباء؟
تنقسم الرواية إلى قسميــن. حيث يتمحــور الأول حول رغبة الشاب أنطــوان في إنهـاء حياة الجحيم التي يعيشها بذكائه، ومن ثم الخروج من دوامة التعاسة – كما يعتقد- بالموت. بدأها بالإدمان على الكحول لتنتهي بانتظامه في مدرسة لتعليم الانتحار. وهو الجزء الأكثر سخرية في الرواية، الذي يمكن للقارئ أن يفهمه برمزيته ويضحك بصوت عالٍ، ثم يتوقف ليفكر..

أما القسم الثاني، فيتضمن قرار أنطوان أن يسير مع التيّار بحثاً عن راحة العقل والفكر، وهنا تأتي المفارقات. رغبة البطل في أن يصبح غبياً جعلته يسخّر كل قدراته العقلية لتحقيق هذا المبتغى! ولأنه ذكي كما يعلن في مواقف كثيرة خلال سير أحداث الرواية، فإنه يهرب من الذكاء مستخدماً الذكاء نفه!. أبدى البطل رغبةً واضحة في أن يكون طبيعيّاً يعيش ويتماشى بشكل كامل مع المجتمع. الأمر الذي قرَّره بعد مراجعته لذاته واكتشافه لتعاسته مقارنة بكل الأشخاص حوله ممن صنفهم أنطوان بالأغبياء، وقليلي الحظ من الناحية الفكرية، أو ممن لم يرغب ببساطة بتشغيل عقله. العقل الذي يقول الكاتب عن دوره:
“لم يكن عقله يتيح له أي راحة ، كان يمنعه من النوم بتساؤلاته المستمرة ويوقظه في عز الليل بشكوكه ونقمته وسخطه. روى أنطوان لأصدقائه بأنه منذ زمنٍ طويل لم يعد لديه لا أحلام ولا كوابيس لفرط ما تخيّم أفكاره على فضاء نومه. كان أنطوان لفرط التفكير، وتورُّم الوعي، يحيا حياةً بائسة. وهو يريد الآن أن يكون أقل وعياً وأكثر جهلاً بالقضايا والحقائق والواقع.. لقد عانى ما يكفي من حدة النظر التي منحته صورة رديئة عن العلاقات الإنسانية. يريد أن يعيش، لا أن يعرف حقيقة الحياة، أن يعيش فقط”.

حينما يكون الذكاء عائقاً
قرر أنطوان – والقارئ يعيش معه هذه الرحلة – أن يضع حداً للشقاء. ولكن ذكاءه كان بالمرصاد يقف ك حجر عثرة في طريقه. حاول التماهي مع المجتمع الذي يعيش فيه، في حين أن كل ما كان يريده هو الهرب. ويستطيع القارئ بسهولة رؤية شخصيات الكتاب في فِلْم، رغم أن الرواية -مع الأسف- تُعد قصيرة. إذ إن الكاتب نجح في شرح فكرته بشكل وافٍ، وتقديم شخصياته بذكاء تام دون زيادات لا حاجة لها.
فهذه الرواية هي محاولة لتفنيد الواقع الذي نعيشه والتصرفات الإنسانية، ومحاولة للإشارة بشكل غير مباشر إلى المنحدر الاستهلاكي الضارب بالعمق في حياتنا، الذي وصلت إليه البشرية، والفريق المضاد لهذه الحياة، بحس ساخر يصل بالقارئ إلى الضحك على مواقف كثيرة تضمنتها الرواية. وهذا فن من نوع خاص لا يجيده الكثيرون.

أنطوان وكابتن فانتاستك
يُعيد هذا الكتاب إلى الذاكرة فِلْم “كابتن فانتاستك”، الذي تدور أحداثه حول عائلة أمريكية قرَّر فيها الوالدان الابتعاد عن العالم المتمدن، والنجاة بأطفالهما من خلال حياة بدائية مطعَّمة بجرعات من المعرفة مستوردة من العالم الذي نعيشه، لكنها منتقاة من كل زمان ومكان، ابتداءً بالموسيقى وانتهاءً بالكتاب والمعرفة، لينشأ أطفالهما – كما يعتقدان- متحررين من سلطة المجتمع، بعيداً عن التعليم النظامي والتلفزيون والأجهزة الإلكترونية. ويظهر الفِلْم كيف أن ذلك أسهم في تأسيس عقول نيرة وشخصيات فذة، بموازاة عدم إغفال الجانب المفقود من الحياة البدائية واستحالة الاندماج مع المحيط الخارجي حينما يكبر الأبناء. إذ لا يمكن بأي شكل تجاهل الواقع والتغاضي عن متطلباته.
في فكرتي الكتاب والفِلْم شيء من التطرف. إمَّا أن أكون من هذا الفريق أو ذاك. في حين أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل من الممكن التوسط في ظل العالم الذي نعيشه؟ وكيف تعرف بأنك قد جانبت الوسط؟ وما هو الحد الذي يصف خط النهاية والبداية؟ المسألة ليست فقط إما السواد الحالك أو البياض الناصع، هناك عالم متكامل من الألوان بينهما، وهذا ما يدفع القارئ إلى الشك بإمكانية البقاء في المنطقة المحايدة.

الغباء في إطلاق الأحكام:
في بحث بطل الرواية عن حقوقه في اتخاذ مواقف مغايرة مما ينتظره المجتمع منه، نسمعه يقول:
“- لماذا لا يحق لنا أن ننتقد ونَعُدُّ الناس مغفلين ومعتوهين؟ بذريعة أننا سنبدو مغتاظين وغيورين؟ يتصرف الجميع على أننا متساوون، على أننا أثرياء مثقفون، أقوياء، بيض، صفر، وسيمون، ذكور، سعداء، بصحة جيدة، لدينا سيارة ضخمة.. ولكن هذا ليس صحيحاً. وبالتالي، لدي الحق في أن أحتج وأن أكون في مزاج سيء، وألا أبتسم بسذاجة طيلة الوقت، وأدلي برأيي حينما أرى أموراً غير طبيعية ومجحفة، وحتى شتم بعض الناس. هذا حقي في الاعتراض.
– أوافقك الرأي، ولكن… هذا متعب. ربما علينا أن نفعل شيئاً أفضل من هذا، أليس كذلك؟
– أنت محق. من الغباء أن نهدر طاقتنا في أمور لا تستحق عناء ذلك. من الأفضل أن نوفر قوانا للتسلية”
يمكننا من خلال كتاب ” كيف أصبحت غبياً؟” أن نتتبع حياة البطل أنطوان ونحدِّد ملامح المنحدر الذي وصل إليه، لأنه كان يعيش الحياة التي بحث عنها والتي يعتقد بأنه ومن خلالها سيصبح غبياً في المجتمع الاستهلاكي المعاصر.
قد يكون ذكاء أنطوان وصل إلى حد جعله يحاول أن يضع نفسه في زمرة الأغبياء من خلال إطلاق الأحكام جزافاً على الأشخاص الاستهلاكيين. وقد تكون هذه طريقته الذكية في أن يكون غبياً. فللغباء أشكال عديدة، ولا يمكن لتفاصيل الحياة المعقدة أن تكون بالسهولة التي تسمح لشخص ما أن يحصر كل الحالات والتفاصيل ويفندها ويصنفها بين ذكية وغبية. هذه رواية التساؤلات في الدرجة الأولى، ورواية إعادة التفكير بكل التفاصيل لتكون مطبة فكرية للقراء.
كلنا سنجد شيئاً منا في هذا الكتاب. ليس بالضرورة التعاسة الناجمة عن الذكاء، بل أيضاً البحث عن الاندماج في مجتمع ذي بعد واحد يقتل التعددية وإن كان يدعي استيعابها كلها داخل حواجزه. وإذا كنا على قدر كافٍ من الوعي، فهل يمكننا أن نخلق عالماً خاصاً بنا ونبقى في الوقت نفسه على اتصال مع الواقع والعالم المحيط؟.

 

التدوينات العربية رفوف المكتبة - Books قالوا - Quotes

كومة كتب: أخرج في موعد مع فتاة تحب “القراءة”

31 مايو، 2018
الصورة: بينترست

الصورة: بينترست

في مدونتي القديمة كنت أجمع تعليقاتي على مجموعة من الكتب وأضعها في تدوينة واحده سميتها “كومة كتب” أحببت أن أبعث الحياة في هذه التدوينات من جديد وإليكم هذه “الكومة”.

الصبية والسيجارة
بونوا ديتيرتر

رواية ساخرة تحث على التأمل، العدالة الهشة التي تترك الإنسان أمام مؤسسات تحمل شعار ميزان العدل لكنها أبعد ما تكون عن ذلك، هذا يعيدني لأسئلة كنت قد سألتها قبل عامين من الآن وأعادها لي الفيسبوك قبل عدة أسابيع: “ماهي العدالة؟ وهل هناك أنظمة عادلة حقًا؟”.
في رواية الصبية والسيجارة؛ تقلب حياة رجلين بسبب سيجارة. هي القاسم المشترك غير أنها حولت حياة محكوم بالإعدام لنعيم وأردت حياة شخص آخر للدرك الأسفل، وكيف تفاعلت الجماهير مع كلا الحالتين. ذات الجماهير التي سيّرها إعلام مجموعة إرهابية لخلق لعبة إعلامية ضحيتها أشخاص معدودين لا حول لهم ولا قوة غير الوقوف لتسلية الحشود خلف الشاشة. القصة فيها من الجنون ما يجعلك تقف قليلا لتتساءل. حينها تتحول المأساة إلى لعبة.

فكرت كثيرا بمعنى “رأي الجماهير” وكيف يحكم المجتمع على صواب فكرة من عدمها فقط لأنها سائدة ويرددها الجميع، كيف ينسى المجتمع من أن يعمل عقله ويبدأ بالنفاق وادعاء المثل العليا والقيم التي قد لا يفهم معاناها من الأساس.

تجدر الإشارة هنا إلى نقطة ذكرت على غلاف الرواية أنها كتبت في عام ٢٠٠٥م لكنها استشرفت الوضع الراهن للشرق الأوسط؛ سيطرة الإرهابيين وإشغالهم للرأي العام، ومسرحيات الكوميديا السوداء التي تحدث اليوم.

كل ماكنت أفكر فيه خلال فصول هذه الرواية، التناقض، الشعارات الرنانة، الإرهاب، العدالة، الطفولة، السيجارة ….. وحتمًا ستبقى عالقة بين أفكاري لوقت لا بأس به.

 

وهم
الشادي سعود الحركان

بدايةً هي رواية غريبة، أدخلتني في متاهات عقل الإنسان الذي اختلط عليه حبل الوهم بالحقيقة، لتنتهي بي على مرفأ لا أعرف أي السفن أنزلتني، لكن يجب أن أقول بأنني لم أتوقعها بهذه القوّة أو التأثير، بقيت أفكر بها ليوم كامل بعد الانتهاء منها. أنصح بقراءتها بلا انقطاعات طويلة وبتركيز، حتى لا ينتهي بك الحال تائه بين وهمها وحقيقتها. 
بداية جميلة مع الكاتب وأعتقد بأنها لن تكون رحلتي الأخيرة معه. 

 

أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة
اختيار وترجمة محمد الضبع


ابحث عن فتاة تحب الكتابة. ستكتشف أن لديها حس فكاهة عاليًا، أنها متعاطفة وحنونة لدرجة بالغة، أنها ستحلم وتبتكر عوالم وأكوانًا كاملة لأجلك. هي التي ينحني الظل أسفل عينيها، هي الفتاة ذات رائحة القهوة والكوكاكولا وشاي الياسمين الأخضر. هل رأيت تلك الفتاة، ظهرها متقوّس باتجاه مفكرتها الصغيرة؟ تلك هي الفتاة الكاتبة. أصابعها ملطخة أحيانًا بالجرافيت والرصاص، وبالحبر الذي سيسافر إلى يدك عندما تتشابك مع يدها. هي لن تتوقف أبدًا عن تذكّر المغامرات، مغامرات الخونة والأبطال. مغامرات الضوء والظلام. الخوف والحب. تلك هي الفتاة الكاتبة. لا تستطيع أبدًا مقاومة ملء صفحة فارغة بالكلمات، مهما كان لون الصفحة

 
عنوان الكتاب لفت نظري، اعتقدت في البداية بأنه إمّا مذكرات أو رواية، لكنه عبارة عن مجموعة مقالات أو تدوينات جمعت في كتاب، ولأنني لم أقرأ التدوينات من قبل فقد كانت رحلة جميلة مليئة بالأفكار والمعلومات التي استوقفتني للتأمل والتفكير.
بالنسبة لي أفضل الربط بين المقالات أو كنت أتمنى لو كتبت بشكل تخيّلته مسبقًا، في النهاية تمنيت لو لم أنتهي منه.

 

لعبة دي نيرو
راوي الحاج

تبدأ من بيروت المجروحة وتمتد لباريس وروما، قبل أن تنطلق لهناك تأخذنا في جولة لنشهد بأنفسنا على حياة الأبطال آلامهم ومخاوفهم، نطوف في شوارع بيروت وأزقتها، لتنقل لنا تفاصيل حرب لبنان، نتعرف على الصديقين الذين لم يكونا إلا مثالا على واقع الشباب الذي لا يفهم الحرب لكنه وجد نفسه جزء منها ويجب أن يتخذ قرارات يومه وفقًا لقواعدها البشعة.

بعد ما أنهيت قراءة الكتاب سألت نفسي سؤلًا بسيطًا: لماذا لم أقتني بقية كتب راوي الحاج؟ منذ أول ١٠ صفحات استحوذ الكاتب على كل اهتمامي. أكثر من مجرد سرد لتفاصيل قصّة، بل هي امتداد يمس جوانب عدّة؛ الجانب النفسي للبطل، الجانب المجتمعي والسياسي للبنان، والجانب الإنساني، والأكثر تأثيًرا في كل تلك التفاصيل؛ هو الإنسان الذي يصطدم بواقع قدرته على ارتكاب العنف، الذي يجد نفسه أمام خيارات يرفضها جميعها لكنها الحياة والواقع، يحاكم نفسه ويجد في كل النظرات حوله حكمًا على مستوى إنسانيته، عالم آخر خلفي بعيد لكنه الأكثر تأثيرًا وسيطرة. 

لا أتذكر اسم البائع – دار شركة المطبوعات للتوزيع والنشر- الذي نصحني بشراء الكتاب في معرض كتاب جدة العام الماضي، حينما اقتنيت رواية “الجاسوسة” لباولو كويلهو، قال لي البائع أنا متأكد من هذا الكتاب سيحوز على إعجابك، وظل يتحدث عن راوي الحاج، وعن كتاباته ترددت كثيرًا في شراء بقية كتبه، لا أريد تكديس المزيد من الكتب دون قراءة، فضلت أن أتذوق أسلوب الكاتب قبل شراء بقيّة كتبه وحقًا أشعر بالندم لأنني اتخذت هذا القرار وتمسكت به بالوقت الخطأ. المعرض القادم سيكون اسم راوي الحاج ضمن قائمتي. 

الحجر الحي
لينور دي زوكوندو

لا تنسى أين وضعت ذاكرتك، لأنك ستنسى معها ذاتك، ولن تجدها إلا برحلة طويلة مع الحياة، مايكل أنجلو ورحلة البحث عن الصخور التي سينحت بها تماثيل قبر “جول الثاني” لكنها كانت أكثر من مجرد انتقاء للصخور، في تلك القرية النائية حفر النحات ليجد كل الأسرار التي خبأها وكل ما احتاجه ليجد ذاته هي أرواح بريئة تلاحم معها في رحلته.
علاقة الفنان بما يصنع هذا ماشدّني في هذه القصّة، علاقته بأعماله السابقة، كيف تعود لزيارته، الحوارات الداخلية التي يبقى يحدث ذاته فيها، وكيف ينظر بترقب لأعماله القادمة.

طالما كانت لغزاً أود لو أعرف جوابه، كل الأعمال التي خطفت أنفاسي بماذا فكّر الفنان وهو يخلقها؟.

لاعب الشطرنج
ستيفان زفايغ

رواية عظيمه بين سطورها حملت الكثير من الأفكار والمعاني، لا يمكنني نسيان شخصياتها أو تفاصيلها الأخاذة حتى اليوم رغم مرور وقت طويل على قراءتها، هذا النوع من الكتب هو ما أبحث عنه أن تبدأ من مكان وتنتهي منه إلى مكان آخر لن أتحدث عن تفاصيل الرواية لكنني أنصحكم بشدة بخوض هذه الرحلة لكن حذار ستكون مسيرتكم على رقعة شطرنج، فكروا ألف مرة قبل أي خطوة تخطونها… نعم فكروا ألف مرة.

 

Daftar - دفتر التدوينات العربية العمل الحر - Freelancer

صُنّاع المحتوى في السُوق المحلّي

26 أكتوبر، 2017

IMG_4515
صناعة المحتوى هي مهنة تحتاج من الجهد أقصاه، وقبل الدخول في أي تفاصيل، أود أن أوضح أنها ليست “مهنة لمن لا مهنة له”، أما بعد؛ سأفترض عزيزي القارئ بأنك صانع محتوى أو شخص مهتم لفهم السوق المحلي لصناعة المحتوى. خصصت هذه التدوينة للحديث عن المصاعب والعقبات.    

لست بصدد أن أعطي حلولًا لأنني حقيقة لم أصل للمرحلة التي تخولني من وضع الحلول، وإنما أحببت تسليط الضوء على معاناة تواجهنا أثناء تأدية أعمالنا. وما لاحظته أن هناك أبعاد عدّة تتصل بالموضوع الذي أود طرحه، بُعد يخص العميل، وطبيعة العمل، وآخر متصل بصنّاع المحتوى ذاتهم.

أولا: فهم طبيعة العمل:
هناك تصور سائد واجهني كثيرًا -وبعض من زملاء المهنة الذين تحدثت إليهم- أن أي شخص يجيد الكتابة السليمة يمكنه أن يكون صانع محتوى، وهذا إلى حدٍ ما صحيح، لكن هل ينطبق على كل أنواع صناعة المحتوى؟ هناك مهارات مختلفة يجب على كاتب المحتوى أن يتقنها كي يتمكن من الكتابة بشكل جاذب يتفهم الجمهور المستهدف، ويضع بالاعتبار شخصية المكان، والأهم من ذلك الملكة الإبداعية ليتمكن من التميُّز عن غيره، أن يعرف كيف يبحث عن معلوماتك وكيف يقيس ردة الفعل، وأن يفهم الغرض الذي يكتب من أجله وبعض المهارات التي ينميها شغف صانع المحتوى ومدى الوقت الذي استثمره ليطوّر ذاته.

وهناك نقطة أخرى حقيقة شكلت لي الصدمة حينما قال لي أحد العملاء – تجيدين الكتابة لن يأخذ هذا الأمر سوى ساعة إذا كنت تكتبين بشكل مستمر!، وكان يقصد هنا أن أبتكر اسم حملة وأكتب رسائل الحملة ونموذج للمحتوى، أن تعرف كيف تكتب بشكل سليم لا يعني أن كل المعلومات والأفكار جاهزة تنتظرك لتجلس أمام شاشة الكمبيوتر لتنساب على الصفحة البيضاء، صدقوني نود لو كانت بهذه السهولة لما كُنّا نقضي الساعات في البحث والساعات في التحرير والساعات في التفكير بفكرة رئيسية ينطلق منها المحتوى كاملًا ويتفرع ليتناسب مع المنصات المطلوبة.

خطوات العمل لكتابة محتوى – أي كان-  تختلف من كاتب لآخر:
معرفة هوية العميل
البحث عن المنافسين
إيجاد الأفكار التي ينطلق منها المحتوى
البحث عن المعلومات المطلوبة
فلترة المعلومات
الكتابة لكل منصة بشكل مختلف
تدقيق المعلومات ومدى تسلسلها وملائمتها

ثانيًا: العميل

وضوح الهوية:
للبدء بصناعة محتوى متخصص، يعبر عن العميل يجب أن يعرف العميل أهدافه بشكل مركز ومباشر، وأن يعرف الطريقة\الشخصية ونبرة الحديث التي يود من متابعيه/زبائنه أن يميزونه عن غيره من خلالها، فإن لم يعرف ذلك عليه أن يجلس مع كاتب المحتوى – إذا كانت لديه الخبرة الكافية- ليحدد ذلك مسبقًا، فهو الأساس الذي سيحدد طريقة الحديث وشكل المحتوى المقدم. وهو الأساس للحكم على جودة العمل من عدمها فبدونها لا يمكن بأي شكل تقييّم مدى ملائمة المكتوب للعميل. وقد يتسبب المشي بغير هدى؛ لإعادة العمل والصياغة لمرات عدة تشكل عبئًا على الكاتب.

الثقة:
يعيّن العميل الشخص الذي سيكتب المحتوى ومع ذلك، يتدخل بكل صغيرة وكبيرة ويحول كل شيء لعملية معقدة فيها الكثير من الأخذ والعطاء، ما نحتاجه هنا هي الثقة بحكمنا، و بطريقتنا في العمل وانتظار النتائج فقط. من المهم على العميل تحديد الإطار العام الذي يود أن يعبر عن نفسه من خلاله إن لم يكن بعد يعرف ماهي الهوية التي يود أن يظهر بها على أقل تقدير يحدد الشروط، وما هي الحدود الغير مسموح لنا تجاوزها وما بينهما هي مساحة يجب أن تعطي الخبز لخبّازه من خلالها.

الاستثمار بالمحتوى:
مازال السوق لا يعي بشكل كامل أهمية المحتوى، وأهمية الاستثمار في هذا المجال، لذلك نجد أن ما يعرضه العميل من مبلغ مالي لا يتوافق مع المطلوب أصلا، لذلك يقدم صناع المحتوى ما يتوافق مع المبالغ المعروضة والتي لا تعطي لهم مساحات لاستثمار المزيد من الوقت، في الابتكار والبحث والتجديد.

نجد أن بعض الشركات توكل بمهمة الكتابة لبعض موظفي الشركة الغير متخصصين وهذا دليل على استهانة الشركات بأهمية الكتابة المتخصصة.

الوقت:
العميل لا يعطي الوقت الكافي للبحث وبالتالي يؤثر ذلك على خيارات الكاتب وجودة النتيجة النهائية.

 

“أحيانا كثيرة لا يدرك العميل مراده من المحتوى الذي يتم صناعته، يكون مشتتًا بعدة أفكار وتوجهات فيقوم بممارسة اللحلّ السحري والإبداعي من وجهة نظره وهو “دمج كل تلك الرؤى والتوجهات” في نصّ واحد، وبكل تأكيد سيكون نصّاً مشوّها لا يرضي صانع المحتوى قبل أن يرضي العميل !
وأحيانا يستهين العميل بعمل صانع المحتوى نتيجة لجهله وعدم إدراكه معنى “صناعة المحتوى” فالأمر بالنسبة له “مجرّد كتابة” ولذلك يعطيه فترة زمنية قصيرة جدا لممارسة “الكتابة” !
ما يفوت على أغلب الشركات ومدراء التسويق في تعاملهم مع صانعي المحتوى والكتّاب بشكل عام هو أنّه على الرغم من أهميّة المال إلا أنه على الأغلب من آخر اهتماماتهم !”
مؤازر صلاح – صحافي وصانع محتوى


ثالثًا: الرواتب والتسعير:

المستقلّون بالعمل:
التسعير هي المشكلة الأزليّة، هناك الكثير من المشاريع التي تعرض ويضطر الكاتب للاعتذار عنها، كون المبالغ المعروضة لا تشكل حتى ربع الجهد المبذول، فالكاتب هنا أمام مأزق، إذا قَبِل بالعمل فهو يضع حدًا للأسعار وهذا يظلم الكُتّاب وإذا رفض -خاصة للمستقلّون- لن يجد دخلًا يكفيه حتى المشروع المقبل، جميعنا في بداياتنا قبلنا بالكتابة بأسعار زهيدة وفي بعض الأحيان بدون مقابل رغبة منا بتوضيح دور المحتوى أو اكتساب الخبرة، لكن من الصعب القبول بالتسعير المنخفض للأبد.
مجال صناعة المحتوى مجال خصب لإيجاد فرص عمل للمستقلين لكن التسعير يقف عائقًا، ونجد أن ذات العملاء الذين يعرضون أسعارًا زهيدة حينما لايجدون من يقدم لهم هذه الخدمات يتجهون للوكالات والشركات ويدفعون مبالغ طائلة، وهذا يعيدنا لأزمة الثقة التي تحدثنا عنها أعلاه.
وأنا حقيقة لا أعرف من يمكنه أن يكون الحكم في مسألة التسعير؟

الموظفون في الشركات:
توظف الشركة  كاتبًا واحدًا، براتب يعد جيّدًا في البداية، لمجموعة المهام التي وضّحت في العقد، لكن لا يعرف الموظف حجمها حتى يدخل للسوق، ليجد نفسه يكتب محتوى لمنصات التواصل الاجتماعي للشركة، ويمتد لعملاء الشركة يصل بين ٥ عملاء باختلاف منصات التواصل الاجتماعية الخاصة بهم، والراتب يظل ثابتًا مهما كان إنجاز هذا الكاتب أو اتساع خبرته، أو عدد العملاء الذين يعمل لخدمتهم.

للكتاب المبتدئين في صناعة المحتوى يعد أمرًا جيدًا أن يدخل سوق العمل ويعمل بكثافة، ولكن العمل لعدد كبير من العملاء في نفس الوقت لا يترك للكاتب مجالا لينوّع في كتاباته، أو ليجري البحث المطلوب للخروج بمحتوى مميز، ويستهلك الكاتب نفسه بشكل كبير، في مقابل راتب ثابت لا يزيد غالبًا ولا يعطى أي (Bonus – overtime).

معلومات عامة:
متوسط دخل الكاتب المبتدئ Junior copywriter  عالميًا بحسب مواقع الرواتب بشكل سنوي: 48113$
متوسط دخل الكاتب المتمرس Senior copywriter  عالميًا بحسب مواقع الرواتب بشكل سنوي: 75720$


رابعًا: كُتّاب المحتوى:

عدم معرفة قيمة عملهم:
بعضهم لا يعرف قيمة عمله وبالتالي فهو لا يقاتل في سبيل الحصول على حقوقه كاملة، وبعضهم لا يعمل بشكل احترافي لا يملك ملف يوضح أعماله السابقة (Portfolio) ولا يوضح بالضبط ما يمكنه تقديمه للعميل، وبالتالي ينظر إليه – بتاع كلو- كاتب ومدقق ومترجم  وباحث وكاتب سيناريو وصانع أفكار وكاتب مقالات وخطابات، و هَلُمَّ جَرّا .

“عدم فهم مهنة كاتب المحتوى هي الأساس لكثير من المشاكل التي تواجهه، فهناك خلط بين المدقق والمحرر والكاتب والمترجم، فتختلط التوقعات والمطالبات التي تقع على عاتق كاتب المحتوى، إضافة إلى الاستهانة بحجم الوقت والمساحة التي يحتاجها ليقدم أقصى ما يمكن من إبداع يجعل من محتواه مميّز أو يضيف قيمة، وهذا يعتمد في ذات الوقت على خبرته ونوعية المحتوى المطلوب.
كما أن عدم الاهتمام بتقديم كافة المصادر الموثوقة من قبل العميل فيما يخص منتجاته أو بياناته، تجعل من كتابة المحتوى أمر صعب فعلًا”
بيان الجهني كاتبة محتوى

عدم الاستثمار بالتعليم والتطوير:
هناك من يعتقد بأنه قادر على الكتابة لأي جهة ولأي غرض، ولا يعترف بحاجته للتعلم والتطور ولا يستثمر من وقته لتعلم مهارات جديدة أو يستثمر من دخله للحصول على دورات تشرح التطورات في سوق العمل تفتح الأذهان على أفكار وطرق جديدة. أو حتى من خلال البحث للإطلاع على التجارب المختلفة حول العالم.

التخصص:
في حين أن الكتابة المهنية المتخصصة تحتاج لأشخاص متمرسون يعني من يجيد الكتابة للأغراض التسويقية ليس بالضرورة كاتب مقالات جيد أو كاتب سيناريو، هناك من هو ممتاز بصناعة الأفكار وهناك من هو متخصص في إخراجها للنور،  وهناك الباحث المتميز الذي سيستخرج لك معلومات تشكل الأساس للمحتوى الذي ستكتبه، وقد يجيد ذات الشخص إذا ما استثمر بالتعليم والتطوير أكثر من مهارة، وبحسب خبرته، ولكن لا يعني بأن عليه أن يكون متميزًا في كل شيء لا تقبل بعمل لا يندرج تحت مهاراتك خاصة لو أنه عمل يحتاج للتسليم بسرعة، ولا يعطيك المساحة بالتفكير والبحث والتعلم لأنك تسيء لسمعة الكتّاب إذا ما سلمت عملًا دون المستوى، يجعل العميل يفكر بأنه لو أوكل المهمة لأي من موظفيه الحاليين لكانت النتيجة ذاتها دون الحاجة للإنفاق الزائد هنا وهناك.

حاولت من خلال هذه التدوينة أن أجمع بعض النقاط من الصعب إدراج كل شيء في مقال واحد قد ألحقه في مقال قادم، ماذا عنكم معشر الكُتّاب هنا وهناك؟ حدثوني عن تجاربكم لنستفيد.

 

٢٠١٦ التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books سبتمبر يومياتي - Diary

سبتمبر7-15: إعادة تعريف الأشياء

16 سبتمبر، 2016

img_7856

١٦\٩\٢٠١٦م الجمعة، المزاج غائم بعض الشيء:

كل ما تفكر به الآن هو كيف تستعيد توازنها؟ سألت نفسها سؤلا مباشرا ماذا تريد أن تفعل لتنهي كل هذه الحيرة، لكن الإجابة دائما صعبه دائما مستحيلة، فأصعب مايمكن أن تمر به هي محاولاتها لطرق أبوابها الداخلية وإكتشاف ذاتها، وما يزيد الأمر تعقيدا هو أن القناعة الوحيدة التي تؤمن بها  تقول: (لايوجد شيء ثابت لا يوجد شيء مطلق )، فالأساسات بدأت تتزعزع تحت أقدامها منذ زمن ليس بالقريب، وكلما وجدت أرضا صلبة بدأت في الحفر حتى تستحيل هاوية.

كل تلك الأفكار كانت تغازل مخيلتها لا دعوني أخبركم كيف بدأت القصة، قبل عدد من الشهور بدأت بالعودة لأصل الأسئلة، مجرد عدد لا نهائي من الاستفهامات، تساؤل يقود لآخر وآخر يقود لأول، أصبحت قيودا أكثر من كونها شك يوصل للحقيقة، لتعود من جديد وتقول: هل هناك حقيقة من الأساس؟.

markpowellart251websiteaa

١٦\٩\٢٠١٦م، خرائط:

أريد أن أجمع العالم في مكان واحد، لذلك أعلق خريطة العالم في زوايا متعددة من غرفتي، شيء ما يشعرني باللانهائية حينما أمد نظر وأتخيل بأنها تتخلل عوالم وأزمان متعددة، حينما تعرفت على أعمال Mark Powell إستوقفتني طريقته في إحياء الخرائط والتعامل معها وكأنها كائن حي، يهرم ويدخن ويبتسم ويحزن. من خلال أفكاره أصبحت أنظر للخرائط بشكل آخر، وهذا هو الفنّ الحقيقي -برأيي- الذي يجعلني أفكر بطريقة مختلفة، والذي يعيد تعريف الأشياء في مخيلتي.

Continue Reading

٢٠١٦ التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books سبتمبر يومياتي - Diary

سبتمبر6-15: صراع الذئاب البريّة

14 سبتمبر، 2016

img_7811
١٢\٩\٢٠١٦م..     الساعة الواحدة صباحا ٣٠ في معنى أن أكبر*

تتوقف لإحصاء أيامك على هذا الكوكب، لتتيقن بأنها مجرد ذكريات لا يمكن أن تتوحّد في نص، خاصة حينما تكون الحياة قد أخذتك في مناحٍ متشعبة، لتموج بك مرة ترتقي بك في أعالي السعادة ومرة في أسفل قاع الحزن والخذلان. لا يهم كم مرة نعود لنَلعَن بعض الذكريات، أو لنتأمل جمال أخرى، ما نحن عليه اليوم هو حصيلة كل ما عَبَرنَاه وعَبَرَنَا، السيّء قبل الجيّد، القبيح قبل الجميل، والصعب قبل الأسهل.

٣٠ عاماً لي على الأرض يالله! تبدو وكأنها دهراً!، ولأنني مهوسة بتجميع الأفكار ومحاولة الإجابة على كَمْ؟ ومتى؟ وكيف؟، تسائلت عن عدد الخطوات التي مشيتها على هذا الكوكب، الاتجاهات التي سلكت، بانتمائي للصحراء الذي أفخر به، بكوني حفيدة تلك السيدة البدويّة الحُرّة، التي قالت وهي تعطيني خيارات سأواجهها في مستقبل الأيام:  الطريقة التي تتحدثين بها تصنع مسقبلك، هل تودين أن تكون تابعة؟ أو قائدة لحياتك؟، تلك السيّدة البدوية التي نامت إلى الأبد، وتركت لي عكازها أعلقه أمامي كتذكار للقوة، ودفعة لأكون ذاتي قبل أي شيء آخر.

أحاول أن أعود بذاكرتي للصفحات التي قرأتها، القصص التي كَتَبتْ، حتى تلك التي حُذِفَتْ قبل أن ترى النور، عدد المرات التي طُبع فيها اسمي على صفحات الجرائد، عدد المرات التي وقعت بها بحب شخصية هاربة من بين سطور الكتب، المرات التي حلمت بها بأن أسافر عبر الزمن.
عدد الأصدقاء الذين زرعهم الله في طريقي، المحادثات التي جرت بيننا الأفكار التي تبادلناها، الخذلان الذي مر بحياتي، الأيدي التي امتدت لي في أصعب الأيام، التجارب التي صقلت الشخص الذي أصبحته اليوم، تصالحي مع ذاتي، الأحلام التي مرت بخيالي تلك التي تحققت وحتى التي ماتت ومحاولات إحياءها، عدد السّاعات والليالي التي قضيتها وأنا أرقص على أنغام قادمة من الماوراء، من كل المدن التي حلمت يوما بزيارتها، عدد الخرائط التي علقتها لأخط عليها كل رحلات السفر التي أحلم بأن أسلكها، الاقتباسات التي زرعت في ذاكرتي القصائد التي كتبتها وخبأتها في مذكراتي، الشعراء الذين كبرت وأنا أتتلمذ على كلماتهم.

عدد حبات المعمول والمارشميلو التي رافقتني خلال رحلاتي مع الحرف والكلمات، وعدد فناجين القهوة التي كانت في معيّتها، عدد الفساتين التي ابتعتها لأحتفل بذاتي، الأحذية التي إرتديت، الأيام التي كنت أبحث بها عن سلسالي لأجده يتدلى من عُنُق شقيقتي وكأنه ملكها. الأقراط التي لم أغادر يوما منزلي بدونها، الليالي التي قضيتها مع شقيقتي نشاهد عروض الأزياء حول العالم، أو مارثوننا الخاص مع المسلسلات الأمريكية،  المعارض التي زرتها معها اللوحات التي حلمنا باقتنائها،  والمرات التي قالت لي جدتي ( هذا الفستان قصير لا يصلح )، وعدد المرات التي حاولت إرضاءها بشده قليلا للأسفل. تعابير وجه جدي القادم من زمن آخر، ونحن نجلس سويّا ونغنّي، إيماءاته المضحكة التي يتعمّدها لأضحك بأعلى صوتي كلما تذكرتها.

 والكثير الكثير من الأشياء التي خبئتها الذاكرة بعيدا عن خيالي الآن، لكنها جزء لا يتجزأ من أيامي. أعتقد بأن أكثر ما يمكنني أن أكون ممتنة لأجله في عامي الماضي، هو تصالحي مع ذاتي قبولي لعيوبي الشخصية قبل مميزاتي، اعترافي بكل ما يجب أن تطاله يد التغيير في حياتي، كل ذلك يهيئني لأتطلع لعامي الُمقبل وكل المفاجأت التي تخبئها لي الأيام، فأنا الآن أقوى من تلك الطفلة التي وجدت نفسها وحيدة في مهب الحياة، وأنا اليوم سعيدة بما أصبحته، ولن أبدل أي تجربة خضتها بكل مُتَع الحياة التي رغبت.

Continue Reading

٢٠١٦ Art التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books سبتمبر لوحات يومياتي - Diary

سبتمبر5-15: دين الفطرة

12 سبتمبر، 2016

img_7719

٩\٩\٢٠١٦م. الساعة ٥:٤٥ فجراً.. :

تعلّمَتْ مُنذُ صِغَرها، بأصعب الطُرق، أنَ الإنسانَ مسيّر بما تختارُه روحه وليس عقلُه، قد يعرف العقل ماهو الصواب، لكن يستحيل تماماً أن تُعارض مشاعر داخليه لا تفهمها أحيانا.
لم تعُد تعرف كيف تلتقطُ الأشياءَ من حولها، فكل ما يصل إلى عقلها يمرُ بطبقات تعمل مثلَ المصفاة، ليصل أخيرا ناقصاً غير مقبول لا يمكن لذلك الجزء الذي يتربع أعلى قمة في جسدها أن يفك شفراته مجرد آراء متناقضة.

في مرحلةٍ عمريةٍ متقدمة كانت تشعر بأنها لوحة بيضاء مجردة من الألوان، يستميت الجميع ليشكلها وِفْقَ أهواءٍ خاصة وأمزجة مَعّطُوبة، حتى حينما تشكلت ملامحها -أخيراً-،  تيقْنت بأنها يجب أن تعيد ترتيب الأفكار بداخلها، لتعيش بسَلامٍ ظاهري مع الُمحيط، لكن صوت قادم من منطقة لمْ تَكُنْ تَعرِف اسمها يردد دائما، وماذا عن السلام الداخلي؟ أعتقد بأنه مجرد ترف للمرحلة التي عاشتها آن ذاك، ففي العالم المجنون الذي تقطنه ما هي إلا أداة ووسيلة ليحقق غيرها مبتغاه، قد تكون العِبَارة صَادِمة، لكنها الحقيقة، العالم مسرحٌ كبير، ولتنجح المسرحية كل شخص إما مُسْتَغَل أو مُسْتَغِل. طالما تسائلت في أوقات مواجهة ذاتها عن كواليس هذا المسرح وكُتّابِه. 

في دوامة الأفكار التي تموج بها شيئا فشيئا، أصبح العالم الذي تتمناه مُجرد أفكَار. أضحى الحد الفاصل بين الموت والحياة يُغريها، تحاول جاهدة أن تدخل هذه المرحلة الانتقالية تسأل ذاتها ربما الموت ليس النهاية التي تَحَدَثَ عنها الجميع، لا تستغرب إن كانت واحدة من الكذبات التي إخترعها أعداء الإنسان ليمنعُوه من الخلاص، وإكتشاف العالم الحقيقي، هُناك على الضفة الأخرى من الواقع الهَش. …. يتبع في يوم ما … رُبما 

١٠\٩\٢٠١٦م. الساعة الثانية بعد الظهر:
14238154_1363090267052576_3553530110588210608_n

أسلوب  Pascal Campion السهل الممتنع، في إلتقاط تفاصيل الأيام يبهرني، ووجود القطط في لوحاته زادها قربا منّي.

Continue Reading

٢٠١٦ التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books سبتمبر يومياتي - Diary

سبتمبر4-15: العمل الحُر

9 سبتمبر، 2016

unnamed-52

 ٧\٩\٢٠١٦م   الساعة الـ٦ فجراً كيف نلتفُ على الواقع؟

الصغير -مهما كان طائشاً- إلا أنّ ضميره لايزال حياً، والدليل أنه يختَبئ حينَمَا يُخطئ. لا نأخذُ شيئا من هذا الصغير الذي كُنّاهُ يوماً ما، ولا نستفيدُ من تقدُمِنا بالعُمر سوى أننا نتعلم كيف نُبررُ لأخطائنا بحق الآخرين، ونبتدعُ أسماء أقل حدة حتى لا نشعر بأننا كائنات شريرةٌ، نعطيها يوما اسم هفوة، ويوم آخر نقول بأنها زلة، وأحيانا نُسميها حُرِّيَة التعبير والإختيار، في حين أن كل ما نفعله هو الخطأ في حق الآخرين.

هنا أنا لا أتحدث عن خياراتنا في الحياة، أتحدث عن خياراتنا في التعامل مع الناس بالحكم المُسبق، بالطبقية بالتصنيفات التي تجد لها مكتبة داخل عقولنا.

 ٧\٩\٢٠١٦م  الساعة ٩ صباحا، في يوم إستقطعته لنفسي من الأسبوع..
تأكدت هذا العام، أنني لا أُجيد العمل الذي يتطلب التواجد في المكتب في ساعات محددة، رَغم أنني قد أعمل لأكثر من ٨ ساعات أحياناً، لكن أحب الأعمال الحرة التي تعتمد على إنتاجي، وتأكدت أكثر بأن أحلام الإرتقاء والوصول لمناصب عليا لا تعنيني بشيء، لم أحلم يوماً بإدارة قسم، وهذا لا يعني أن طموحي محدود، لكن طموحاتي الكبيرة متوجه لأعمال ومجالات أخرى، مثلا تأليف كتاب، الحياة من أجل الكتابة فقط، قصص خلق محتوى لأفلام لمسلسلات، لمشاريع محددة، أعمل من خلالها للإرتقاء باسمي وليس بمنصبي.
لذلك لم أستمر بأي عمل أكثر من سنة ونصف أو سنتين، لكنني مؤخرا بدأت حقا بالبحث عن عمل أستطيع من خلاله أن أجد توازنا بين الإبداع والإستقرار، حيث أنهما وبحسب خبرتي لا يلتقيان أبدا.

 ٧\٩\٢٠١٦م الساعة الثانية بعد الظهر

لدي مشكلة مع وقت الظهر، أكثر الأوقات كآبة أتمنى لو أستطيع القفز فوقه ودمج الساعات ٢-٣ -٤ لساعات الصباح الأولى حتى يمكنني العمل والإنجاز دون المرو بهذا الساعات الكئيبة

Continue Reading

٢٠١٦ التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books رقص سبتمبر يومياتي - Diary

سبتمبر3-15: دفاتر الأسرار

8 سبتمبر، 2016

fullsizerender-2

٥\٩\٢٠١٦م   .. الساعة التاسعة صباحا…  تاريخي مع التانغو :

موسيقى التانغو ترتبط في ذاكرتي بالصباحات والقهوة الداكنة المُرّة، لذلك كنت أرتب دروس التانغو لتكون في ساعات الصباح الأولى، وأعتقد أنني سأكون راقصة تانغو في إذا ما انتقلت روحي لجسد آخر في حياة أُخرى، فمنذ اللّحظَة الّتي تعرفت بها على الرَقصة من خِلال فيلم (Scent of a Woman) لآل باتشينو، عمري آن ذاك لا يتجاوز الثامنة، كان الزمن وقتها متوقفاً في حياتي، لم أكن قد أعطيته قيمةً بعدْ لكنه كان يبدو وكأن الثانية دهراً، كنت أشعر بأن العالم قد ينهار في أي لحظة شعور بعدم الجدوى يغلف أفكاري، وحتى الآن لم أستوعب حقاً كيف تتسلل هذه الأحاسيس لفتاة في مثل عمري، وكيف لم يكتشف أحد حقيقة ما أشعر به!، لكن شيءٌ يشبه المعجزة حدثت بعد أن تعرفت على التانغو شيء ما داخلي أزهر من جديد.

كانت تمرُ عليّ الأوقات بلا أى خُطط لتنفيذها مجرد فراغ يجرُ فراغ، وليس لدي مؤنة كافية من الكتب تصمد أمامه، الحياة شبه خالية من أي تسلية غير التسكع هنا وهناك، قرّر شقيقي الأكبر أن يتصرف ليملأ علينا أيام العطلات بدأت كل القصة بيوم الأربعاء الذي كان بداية عطلة نهاية الأسبوع آن ذاك، حينما إستأجر لنا مجموعة من الأفلام نقضي بها إجازت نهاية الأسبوع، كانت خياراته شبابية بعض الشيء أفلام مليئة (بالأكشن)، لم تكن تستهويني بالحقيقة، لكنني كنت أعشق العوالم الأخرى مهما كانت مختلفة ومربكة بالنسبة لي، وفي أحد الأربعاءات التي أعدها من أيامي السعيدة، طلبت من شقيقي أن يحضر قصصاً جميلة، بقيت هذه الكلمة عالقة في ذهنه، وسأل البائع عن أفلامه التي يفضلها ثم أضاف واحداً توجد به قصة جميلة – كما حكى لي لاحقا- إبتداءاً من تلك اللحظة وأنا ممتنة لهذا البائِع، الذي أضاف فيلم آل بتشينو لقائمة شقيقي.

علِقَ في ذِهني مشهد الرجل الأعمى الذي يرقص التانغو، وبقيت تتعَمْلَقُ أحلام الرقص مُغْمَضَةَ العَيّنين كلما كَبُرت، حتى وصلت لليوم الذي بدأتُ به دروس التانغو قبل عام ونصف من اليوم،  أتذكر هذه التفاصيل كأنها حدثت يوم الأمس، إخترت أحد الأربعاءات لأبدأ، كان يعني لي الكثير أن يكون أول دروسي في هذا اليوم، فقط إنتصار شخصي صغير -قد لاتعني أحدا- كل التفاصيل السابقة واللاحقة حاضرة بقوة في مخيلتي، إختياري للفستان الذي من المفترض أن أرتديه خلال التمرين، إرتفاع كعب الحذاء لون أحمر الشفاه، تفاصيل كثيرة كنت أعد لها العُدة وأنا أصل لسقف سعادتي.

كوني منذُ طفولتي مأخوذة بالأسرار، أسرتني لغة الرقص التي تعدُ حديثاً بلغات سرّية لا يفهمها إلا من هو مقدرٌ له أن يفهمها، الحديث الذي يعتمد على كل شيء إلا الكلمات. إيماءات، إشارات، أحاسيس تأخذ بزمام القيادة، إشتراك جميع الحواس حتى العميق منها، كل تلك التفاصيل الأخآذة إستحوذت على تفكيري كنت كمن وجد اللغة المناسبة له التي ستفتح عليه أبوابا ليتواصل مع العالم الذي فقده سابقاً.

لحظة… لنعود قليلا إلى الوراء حينما كنت في الثامنة من العمر، أصبحت بشكل يومي أبحث في شاشة الفضية عن أي رقص لأحاول محاكاته وحيدة، وأحيانا في معيّة شقيقتي، كنا نرقص ونرقص ونرقص طوال اليوم، ولساعات حتى نشعر بالإرهاق وننام، كانت بالنسبة لي إندفاعاتي في الهواء، حركات اليد إرتقاءها إنزلاقها، مكافحة شعري لجاذبية الأرض، حينما يرتد للأعلى مندهشاً، ويسقط على عيني ليستريح ويتضارب فيما بينه  يدور ويدور ويدور، كلها تفاصيل تحبسُ الأنفاس، جعلتني أفكر هممم على هذه الأرض أشياء تثير الدهشة لم أعرفها بعد، فعالمي الصغير الذي لا يتجاوز مدرستي منزلي بيت جدي الكبير، وفن تايم بيتزا، ليس العالم الوحيد الموجود على سطح الكوكب.

Continue Reading

٢٠١٦ التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books سبتمبر يومياتي - Diary

سبتمبر2-15: معركة ذات الستائر

5 سبتمبر، 2016
artwork by pascal campion

Artwork by pascal campion


٣\٩\٢٠١٦م  الوقت: غير معروف،  ذاك الذي …  خالد عبدالقادر:

أحكي لكمْ عن صوتِهِ الحوْليِّ يثْمرُ كلَّ عامٍ رعْشةً
بقراءةِ السُّوَرِ القصيرةِ و الدعاءِ و آيةٍ : (( قُلْ يا عبادي )) مُسْرِفٌ ..
لكنْ يحبُّ اللهَ أكثرَ من أبيهِ و عارفٌ ..
لوْلا القصائدُ و السجائرُ
ما رأتْهُ العينُ إلاّ رَأْيَ غيمٍ صالحٍ .

أحكي لكمْ عن سقفِ حجرتِه الذي سَكَنَتْهُ أشباحُ القبيلةِ
هارباً منهم .. يشدُّ مُلاءَةً و يعضُّ رُكْبتَه و يهتفُ : لا أحبُّ جنوبَكم لو زُرْتموني كلَّ عامٍ مرَّةً
كنتُ احْتملتُ بَداوتي و أدرْتُ ظهري للشمالِ
تركتُ خلْفي شبهةَ الإنسانِ رجعْتُ لي .

٣\٩\٢٠١٦م  …. الساعة السادسة والنصف عصراً.. كيف بدأت ذات الستائر؟ :

مَضَتْ سِتُ سنوات منذ أن إنتقلنا لمنزلنا الحالي، وقتها بدأتُ أخُوضُ معركة لإبقاء غرفتي بدون ستائر، رغم محاولات والدتي بإقناعي بضرورة (السِتر)،  وأنا أتجاهل هذه المطالب كوني مفتونة بالمساحات الشاسعة، أحب أن أنظر -كلما رغبت بذلك- بعيدا في الأفق بلا حواجز، فالنقاط أعلى سقف غرفتي لم تعد تغريني مثلما كانت تفعل في فترة طفولتي. أريد المزيد دائما والأصعب والأعلى والأبعد.

حينما أعلنَت والدتي احتجاجها بِشَكل أكثر شَراسةً عن ذي قبل، في محاولةٍ لإنذاري بأنه قد ( طَفَحَ الكَيل)، قرّرت التلاعب على الواقع كما أفعل دائما، بعد أن استنفذت محاولاتي السابقة، عَلّقت ستارة بيضاء شفافة بـ (دانتيل) يزيّن مساحات منها، كانت نظرة والدتي حينما شاهدتها تحمل الكثير من الخذلان وفي الوقت ذاته  تحمل من الإصرار ما يشير إلى أنها سعيدة بهذه الخطوة الأولى،  فهذه الطبقة الأولى من الستارة وصلت، وأعتقد بأنها كانت تتوقع عدد آخر من الطبقات ، فالمعركة مستمرة ولن تنتهي في أي وقت قريب، جهزت دفاعاتي، وحدثت نفسي مُستفسرةً هل أمد صبري لأعلى مستوياته، وتكون ست سنوات أخرى حتى أعلق الطبقة الثانية؟.

بعد مرور ست أشهر من شموخ الستارة الشفافة على نافذتي تحجب على إستحياء ١٪ من الشمس الزائرة لغرفتي، بدأت تعجبني فكرة التأمل من خلال الستارة الشفافة أكثر فتنة من ذي قبل، والتي تجعل من الأفق متدرج الألوان، وبأشكال (موردة) أجده في أوقات كثيرة مصدر إلهام، وبدايات لأسئلة الـ ماذا لو؟ التي أمارسها كلعبةٍ يومية لتمرينات الكتابة، والعديد من التساؤلات التي -شخصيا- أجدها مثيرة.

لكن دوام الحال من المُحال، تيقنت بأن جهاد والدتي لتشاهد الطبقة الأخرى من الستارة معلقة قد بلغ أشُدَه، فأخَذَتْ تعود لي باستراتيجيات متجددة ومباغتة في آن،  ولتخفيف الأعباء اليومية الأخرى عني فكرت بالإستسلام لأن حرب ذات الستائر هذه قد تتطور لتكون أساس لحروب تغيير أخرى، فالجانب الوديع يقول : “هي مجرد ستارة”، لكن الجانب المشاكس داخلي لا يريد تعليق الستارة، والجزء الماكر داخلي أوجد طرق تَحَايُل أخرى إضافية لقائمة جديدة في عقلي بعنوان:

كيف يمكن تأجيل تعليق ستارة في غرفتي لأطول وقت ممكن؟؟:
١- تجاهل المطالب!
٢- الخروج بحُجة فلسفية مُضادة لفكرة وجود الستارة ( تم دحضها)
٣-تجاهل المطالب مرة أخرى.
٤-محاولة المُماطلة باستخدام عبارات مشابهة لـ: لم أجد اللون المناسب.
٥- ستارة شفافة لا تحجب الأفق (عرفت والدتي بأنني أستهبل)
٦- تجاهل المطالب مرة ثالثة
٧- المجادلة على مبدأ الحرية في المساحات الشخصية (لم ينجح)

والآن كآخر الحلول التي قررت بعدها أن أضع أسلحتي جانباً وأرفع ستارتي البيضاء علامة الإستسلام :
٩- شراء قماش، والمُماطلة في خياطة الستارة
في تلك الأثناء حينما وصلت للمنزل بالقماش، مُدعية بأنني لم أجد مكاناً يستقبل الستارة لخياطتها، لحظات صَمْت دامت لدقائق بيني وبين والدتي، وأعتقد إذا كنت قد فهمت نظرتها جَيّداً، قالت لي بدون كلام: ” أنا سأتصرف”، قارئي العزيز؛ أعدك بإبلاغك بكل تحديثات ممكنة على مَراحِل المعركة المُتبقية. وحتى إشعار آخر هذا كل شيء.   

Continue Reading

التدوينات العربية تحدي القراءة رفوف المكتبة - Books يومياتي - Diary

سبتمبر 1-15: مجهول في حفلة التفاهة

3 سبتمبر، 2016

DSC00491
– الحياة مملة!
– أعتقد بأنه ينقصك الكثير من الصبر إنتظريها فالحياة تحدث دفعة واحدة ..
شخص مجهول*

١\٩\٢٠١٦م   .. تمام الساعة الثانية ظهرا ..  (مابين البين)

لسبب لم أتبيّنه بعدْ، هذا الحوار الذي جرى بيني وبين شخص لا أعرفه، لازال يدور في مُخيلتني، خِلال الأسبوع الماضي الذي قضيتُه أفكر؛ كيف أن العمر يركض بإتجاه المجهول، كنت أفكر بالرقم ٣٠، الذي ما انفك يُغازل أفكاري منذ عُمرٍ مبكر، الحياة تحدث دفعة واحدة، بقيت أحاول تحليل هذه (الدفعة الواحدة) طوال اليوم الأول والثاني من سبتمبر، وحينما كنت منهمكة أنتقل تارة بين أفكاري وتارة أخري لعملي الكثير المتشعب، لمحت في بالي فكرة توقفت خلالها عن الكتابة وقلت مخاطبة نفسي: عرفت قصد ذلك الشخص ، أن الأشياء التي تسرق وقتنا تحدث في ذات الوقت حتى أننا لن نعرِف كيف يمكننا توزيع كل الأمور الحياتية على الـ٢٤ ساعة التي ماعادت حتى تكفي للعيشِ بأقل تقدير ممكن.

منذ حاورت ذاك الشخص المجهول الذي أتمنى لو أنني عَرِفتُ اسمه.. هممم تعرف  ( ياقارئي المحتمل)، لا أُخفيكَ سِراً، قد يكون هذا الشخص من وحي خيالي، أشعر أحياناً بأني أعيش في منطقة متوسطة بين اليقضة والحلم، في عالم إخترعة عقلي ليكون مُستقرا في مكانٍ يعرفُ دهَاليزَه وزواياه، أمسيتُ لا أعرف الفرق بين الواقع والخيال، بكل الأحوال سواء كان ذاك الحوار حقيقيا أم لا، فقد لمسني جدا، وها هو الآن يعود للواجهة من جديد، أعتقدُ بأنه صَارع الكثير من الذكريات الأخرى ليفاجأني بالظهور مرة أخرى مصحوبا بالرقم ٣٠ والكثير من الأشياء الأُخَر.

ولأزيد الأمر تعقيدا، فكرت كيف يمكن أن أدخل عامي الـ٣٠، هممم فكرت بوسيلتي الأكثر شهرة للهروب،(الكتاب) الذي كان بساط الريح لأحلامي وعوالم أخرى منذ أن كنت أرى نفسي مع المحقق بوارو أحاول حل لغز القضية١حتى الوقت الذي أجد كتفي يلتصق بكتف كافكا على الشاطيء٢، نستمع كلانا للموج ذاته، ونغوض داخل أعماق أعماقنا، قررت بأنني سأقرأ أكثر ليكون يومي مقعدا بشكل لا يمكن لأي أحد أن يتخيله، قراءة كتاب كل يوم كانت ولازالت حلما يراودني لكنني رغَم إنفصالي الجزئي عن الواقع -هو إنفصال اختياري بالمناسبة -إلا أنني أفاجئ نفسي بعقلانية تطل برأسها كل حين عرفت بأن قراءة كتاب كل يوم أمر أشبه بالمستحيل بظل الحياة العملية التي أعيشُها، فكتاب كل يومين سيكون أمراً معقولاً، لذلك أقول أهلا سبتمبر وأبدأ أول كتاب.

٢\٩\٢٠١٦م   الساعة التاسعة إلا ربع صباحا  ( الكتاب الأول : حفلة التفاهة)

سألت نفسي لماذا إخترت كتاب ( حفلة التفاهة) والجواب ليس محاولة فلسفية لإسقاط أي شيء على الواقع الشبه تافه، ببساطة؛ لأنه الكتاب الوحيد الذي لم أقرأه من سلسلة كتب ميلان كونديرا، ولأنه من المفضلين، فكانت حفلة التفاهة في المستهل. 

أدهشني كونديرا سابقا بشكل مضاعف عن ما حدث مع هذا الكتاب، ربما سيكون كل ما يمكنني تقديمه هو نجمتين من خمسة لهذا الكتاب.
كونديرا من أكثر الكُتّاب الذي يتقنون تفكيك الأشياء وتقديمها كوجبة فلسفية دسمة مثلما ما فعل مع الخفة والبطئ والفرح والخلود والانتماء والهوية والأقنعة والحياة، وغيرها فيما قرأت له سابقا، كنت أظن أنني على موعد مع الدهشة التي ستخلفها لي حفلة التفاهة تلك. 

الكاتب نجح في إيصال فكرة التفاهة لي، وكان بارعا في توظيفها مثلما قال الكاتب طاهر الزهراني. لكن وبعد قول كل ذلك، ألسنا نتفق بأن الواقع شبيه بتلك الحفلة؟ وربما كرهناها لأنها مواجهة للذات. الجدير بالذكر أنه وبالرغم من صغر حجم الرواية إلا أن شخصياتها واضحة المعالم، استطعت تفريق واحدة عن الأخرى هنا تظهر براعة كونديرا الروائية، وربما كل ما نشعر به الآن بعد نهاية الرواية هو إحساس قصد أن يوصله لنا، تفاهةٌ هي؟ إذا فلتكن كذلك. عزيزي القارئ المحتمل.. إذا كنت لم تقرأ شيئا لميلان كونديرا لا أعتقد أن البداية مع حفلة التفاهة فكرة سديدة، لذلك أتركها لآخر القائمة.

 

“أنظر حولك: لا أحد من جميع أولئك الذين تراهم موجود هنا بإرادته. بالتأكيد ما قلته منذ برهة هو الحقيقة الأكثر تفاهة بين جمع الحقائق إنها في غاية التفاهة والجوهرية، إلى حد كفوا عن رؤيتها وسماعها”كونديرا

بقي أن أشير إلى أن الفصل الأخير في الرواية مختلف تماما وبدونه لكنت ندمت على الوقت الذي قضيته في قراءتها، الحوار بين آلان ووالدته المتخيلة, رفع من تقييم الرواية في نظري، وكان سببا بالنجمتين.

٢\٩\٢٠١٦م  الساعة السادسة مساءا  ( الوصاية البشرية )
Continue Reading