التدوينات العربية رفوف المكتبة - Books

حتى الملائكة تسأل

28 سبتمبر، 2012

كتاب حتى الملائكة تسأل – د.جفري لانغ

 

جفري لانج حفزني للتفكير  في علاقتي بديني وفي طريقة أدائي للفروض, حينما أقرأ لشخص يتحدث عن علاقته بالقران والتأثير الذي شعر به بعد إسلامه كيف تغيرت حياته وكيف يفسر الصلاة ولقاءه بربه 5 مرات باليوم, الأمر يدعوا للتأمل, نحن المسلمون منذ الولادة, هل فكرنا بالدين و درسناه بهذه الطريقة العميقة؟؟؟
كنت في مراحل متقدمة من عمري أبحث عن إجابات لبعض التساؤلات عن الإسلام والديانات والله, لكن كنت أجهل المصادر التي من خلالها أستطيع أن أوسع مداركي, لم أشك يوما بأن الإسلام هو الدين الذي أنتمي إليه, ولم أشك أبدا بوحدانية الله, فقد كنت أريد أن أستشعر المعاني الداخلية لديني بطريقة بعيدة عن التقليدية, أتذكر أنني سألت أحدى مدرساتي عدة أسئلة من الدروس التي لم أقتنع بها, – كأي مراهقة- لا تعي المعنى الحقيقي للكثير من الأحكام التي لازال عقلي الصغير-في ذلك الوقت- لا يستوعبها, وكنت عنيدة في مسألة الاقتناع لا أقدم على شيء دون أن يمر داخل جمجمتي الصغيرة ويخرج برضاي, أتذكر أنها قالت لي بالحرف الواحد:”هذا هو الدين بدون أسئلة ما أنت إلا أمة الله وعليك تنفيذ تعليماته دون سؤال”, وحينما قلت لها أن الأحكام تختلف شدتها من مذهب لأخر ردت علي:” المذهب الوحيد الصحيح هو ماتدرسينه هنا في المدرسة غيره ” كلام فاضي”” حقيقة استوقفتني كلماتها وثقتها التي تتحدث بها وكأن من كتب واجتهد في هذا المذهب هو الوحيد القادر على تفسير كلام الله حرفيا, نسيت تلك المرحلة وتجاوزتها لكنني لم أنسى كيف كان تأثير جوابها علي وعلى نظرتي للدين, اعتقدت وقتها بأنه فقط إتباع أعمى ليس له علاقة بالروح والعقل.
الآن مع عنوان الكتاب قبل الدخول في تفاصيله, قلت صحيح كيف يخافون السؤال والملائكة سألت الله ؟, الأمر جدا معقد لترتيب تفكيري عن الكتاب لذلك سأتحدث بنقاط ربما لا تكون مترابطة لكنها جزئيات من الكتاب أردت أن أكتب عنها وأذكرها.

*المسلمون في أمريكا الجدد منهم يشبهون تقريبا الجيل الشاب الذي يريد أن يستشعر الدين هنا في الدول الإسلامية, دون أن يكون وكأنه عادات اجتماعية, الفرق أننا ولله الحمد عرفنا الإسلام ونحن مسلمون وقطعنا شوطا كبيرا, وإنما نريد أن نستشعر الدين وتعاليمه نريد أن نقتنع قبل أن يفرض علينا حكم أو توجه في أي جانب من جوانب الحياة التي نجد فيها الكثير من الاجتهادات, لذلك قد نجد الكثير من الشباب المسلم البعيد عن تعاليم دينه بسبب الأبواب الموصدة في وجه تساؤلاته, وبسبب إدعاء البعض بأنهم الأعلم في الدين والأقدر على تفسيره من غيرهم, والنظر لاجتهادات بعض العلماء وكأنها قرآن منزل غير قابلة للسؤال والتعمق, الأمر الذي يجعلنا نفكر كيف يكون هذا الدين سبيلا لتتعمق علاقتنا مع الله ونحن نحتاج لمفسرين وشخصيات تقف بيننا وبين الخشوع وتصفه لنا ونعود إليها مع كل صغيرة وكبيرة في دين أنزل ليكون دين للعالم أجمع؟.

” بالنسبة إلي وجدت أن الحركة الدينية في المملكة موجهة نحو ماض مثالي لم أستطع أن أكون جزء منه” ….. “العام الذي قضيته بالسعودية أشبه بحكم السجن على روحي”

* حديث د جفري لانغ عن خيبة أمله من الحياة في السعودية, أوقعتني أنا أيضا في خيبة أمل لأنني وإن كنت من هذه المجتمع إلا أنني أشاطره الرأي, البيئة الدينية حولنا خصوصا في المدارس بيئة منفرة في بعض جوانبها, لاتترك لطالب العلم  أي مساحة للتعبير وتجرم وتكفر بطريقة سريعة جدا, أحيانا أشعر بأن بعض رموز الدين تتحدث عن سماحة الإسلام وهي تتحدث عن الدين وكأنه جانبان لا وسط لهما – يا أبيض يا أسود- إن لم تفعل هكذا في النار, يوزعون الخلق بين جنة ونار وكأنهم يملكون صكوكها, ولنأخذ موضوع الحجاب كمثال وليس للحصر, كيف يقرر بعض الرموز الدينية طريقة الحجاب وينظر لكل من تخالف فكرهم بأنها تحتاج للنصيحة و الهداية – وقد يفهم المحجبات هذه النقطة حينما تصادفهم نصائح العفة والحشمة أينما حلَّوا رغم أنهم محجبات بالطريقة التي يقتنعن بأنها الأصح والأنسب لهن, لكن البيئة وعادات المجتمع تريد منهم نسخة مكررة بغض النظر عن قناعتهن, وتفترض خطأهن بناءا على ذلك.

* ومن خلال حديث الدكتور جفري وهي -نقد أو قراءة- شخص مطلع على الوضع العام لمسلمي أمريكا ذكر عدت نقاط استوقفتني, أولا ربط الدين بالعرب وتحول المسلمين حديثا ليحاكوا العرب في طريقة اللباس والكلام والأسماء وهي أمور أجدها تناقض كون الإسلام صالح لكل زمان ومكان, أعرف أن المسألة هي ارتباط عاطفي عندما يسلم شخص جديد قرأ عن الإسلام ورموزه ورسوله عليه الصلاة والسلام يندفع للتسمي بهم كرباط بينه وبين تلك الشخصية التي تعني له الكثير, لكنني لا أجدها من أساسيات الإسلام, لأنه دين يدخل حياة الإنسان ليغيرها أخلاقيا وروحيا, وليس غرضه ابعاد المسلم الحديث عن جذوره وتغييره لصبح بعد انتهاء نشوة البداية وكأنه غريب عن نفسه وبالتالي قد ينتكس ويعود لما كان عليه, ويجب على العرب أن يكفوا عن التعامل مع الدين وكأنه ملك لهم أكرمنا الله بأن أنزل قرآنه بلغتنا وأكرمنا بأن ولدنا عربا مسلمين , لكن ذلك لا يعطينا الأفضلية عن غيرنا ممن أسلم أو ولد مسلما وهو يتحدث لغة أخرى أو يعيش في مجتمع مختلف بأن يتحول ليحاكي حياتنا.
والأمَرّ من ذلك حينما يأخذ العرب المهاجرون معهم العادات والتقاليد ليفرضوها على الجالية الإسلامية هناك وكأنها من أركان الإسلام, أو حتى بعض التصرفات التي ربما هي السبب بهجرتهم بحثا عن الحرية ليأخذوا –التسلط والمركزية في الحكم- معهم حيث هاجروا, لتحتكم بها الجالية الإسلامية, ومن خلال ما قرأته في الكتاب فهمت بأن شكل وتركيبة الجالية الإسلامية والتي تختلف عن الثقافة الأمريكية هي سبب بارتداد البعض عن الإسلام وهي نقطة آلمتني حقيقة, كما ألمني أن أجد أن طريقة عرض المسلمين لنظرة الإسلام للمرأة هي عائق أمام اعتناق العديد من الأمريكيين للإسلام, لن أتحدث كثيرا عن الأحكام الإسلامية التي تخص المرأة لكن ما أعرفه ومتيقنة منه بأن المرأة في الإسلام لها من الحضور والهوية أكثر بكثير مما نعيشه اليوم من تهميش وإلزامها بالتبعية للرجل, أمر مؤلم حقا أن تتلبس العادات والتقاليد لباس الدين, وهذه هي النقطة الأصعب لأنها ثقافة أجيال قد تحتاج للسنوات طويلة لتتغير.

كل جزء في الكتاب محفز على التفكير والتأمل, وقد يهم المسلمين في أمريكا أكثر إذا يعطي نظره عامة على أوضاعهم ومشاكلهم الروحية والتنظيمية, والعوائق التي تواجههم وقد يجد أحد المسلمين في الكتاب عزاءا لحيرته, خصوصا الجزء الأخير من الكتاب.
استمتعت بقراءته والكتابة عنه, وما هذه المراجعة إلا تفكير بصوت مرتفع قد تكون متشعبة لكنها حقيقة موضوعات الكتابة عنها تحتاج أجزاء وحديث طويل.

مابين القوسين باللون الغامق اقتباس من الكتاب

You Might Also Like

1 Comment

  • Reply desert maniac 24 أكتوبر، 2012 at 5:10 ص

    تدوينة جميلة.. هو احد الكتب التي أحببتها أيضا وساعدتني في احدى فترات الحيرة التي مررت بها.. المنحى الذي يتخذه جيفري في فهمه لدينه هو منحى “الرحلة”، أكثر منه “غاية” يريد ايصالنا اليها رغما عنا كما اعتدنا في أسلوب مدارسنا.. التحذير من الرحلة الروحانية أتيحت له كونه نشأ في مجتمع قائم على الحرية الفكرية والمعتقدية.. وهذا لا يتناسب مع بيئة ثيوقراطية، ولذا حذرتك وحذرتني معلمتي..

  • Leave a Reply

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.